لم تتوقف محاولات الإسلاميين في السودان لتسيطر على المشهد السياسي بعد الإطاحة بحكومة الرئيس عمر البشير في أبريل من العام 2019.
وأيد الإسلاميون الإجراءات التي نفذها قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021، حيث أطاح بالحكومة الانتقالية التي كانت تمثلها قوى الحرية والتغيير، تحت ذريعة التصحيح توسيع المشاركة السياسية، كما دعموا الجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع.
ورغم ذهاب تحليلات وتفسيرات متعددة لمراقبين بأن عودة الإسلاميين للسلطة لا تحظى بشعبية كافية، إلا أن البعض يعتقد أنهم يدفعون ثمن تلك العودة عبر المشاركة في الحرب وقيادتها والرجوع تحت غطاء قوى سياسية مدنية مؤيدة أو متماهية معهم.
ويتصدر الإسلاميون دعوات الاستنفار والمقاومة الشعبية للمشاركة في قتال الدعم السريع، كما برزت كتائب يقودها محسوبون على التنظيم تقاتل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة في مسارح العمليات.
وبدأت قوى وتنظيمات سياسية تتحدث عن توقيع ميثاق مع الجيش، كما تقول انها لا تمانع في أن يكون الإسلاميون جزءاً من الحوار والمشاركات السياسية المستقبلية.
ويقول الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان، إن دعوة المؤتمر الوطني المحلول لحوار سوداني- سوداني يعزز الفرضية الأولى وما قيل قبل الحرب وبعدها بأن هذا التنظيم يسعى بكل أدواته الأمنية والسياسية ويستثمر كل جهده للعودة للسلطة على جماجم السودانيين.
بدوره، يعتقد رئيس قوى الحراك الوطني د. التجاني سيسي، أن من الأهمية بمكان أن يشمل الحوار الإسلاميين، بل وكل أصحاب المصلحة أن كان هناك إيمان حقا “بشعار وطن يسع الجميع”.
ويرى من ناحية أخرى أن “سودان اليوم يختلف عن سودان ما قبل 15 ابريل 2023 عندما اندلعت الحرب”.
ويستند السيسي، في ذلك إلى أن هناك ضرورة قصوى لحوار سوداني- سوداني شامل لا يستثني أحد لأن الاقصاء يولد الاصطفاف المضاد.
ويؤكد أن قوى الحراك الوطني ومنذ قيام الثورة ظلت تكرر إن الوطن يواجه جملة من التحديات وفي مقدمتها الاستقطاب السياسي والجهوي والقبلي المتزايد، وأيضا تصاعد خطاب الكراهية والتخوين. ويشدد على أن البلاد لن تنعم بالاستقرار في غياب الحد الأدنى للتوافق حول برنامج لإدارة الفترة الانتقالية.
ويصنف الخبير الأمني اللواء أمين مجذوب اسماعيل، المشاركين مع الجيش في الحرب بأنهم مواطنين مستنفرين أو هيئات مقاومة شعبية لا يمثلون اي واجهة بخلاف الدفاع عن أنفسهم ومنازلهم وأعراضهم من انتهاكات الدعم السريع.
وبشير إلى مشاركة الحركات المسلحة وأحزاب عديدة بينهم الإسلاميون باعتبارهم مواطنين رافضاً تصنيف مجموعة وترك الآخرين. ويرى أن أي مواطن سوداني له الحق في المشاركة كمستنفر أو ضمن المقاومة الشعبية بغض النظر عن اتجاهه السياسي والأيديولوجي.
وتوقع اسماعيل ثلاثة سيناريوهات لفترة ما بعد الحرب، الأولى بانتصار أحد الطرفين وإقامة نظام جديد، مشيراً إلى أن هذا السيناريو هو الأقرب للتحقيق وأنتصار القوات المسلحة.
أما السيناريو الثاني فهو استمرار الحرب لفترة أطول ما يعني انهيار الدولة سياسياً واقتصادياً، فيما يتضمن السيناريو الثالث التدخل الأجنبي حال لم تقف الحرب بتأثيراتها على المحيط والمنطقة.
ويعتمد المحلل السياسي محمد إدريس على خطان متباينان لتعامل الإسلاميين مع الحرب والعسكر بصفة خاصة، مشيراً إلى دعم الحركة الإسلامية لقادة الجيش ومجموعة المؤتمر الوطني التي تقدم الدعم والانتقادات.
ويضيف إدريس أن الحركة الإسلامية تسعى بقوة نحو اشعال الحرب وتقودها نحو هدف محوري هو العودة للسلطة عبر عسكرة المجتمع والدولة.
ويشير إدريس إلى أن هناك رفض شعبي داخلي وخارجي لعودة الإسلاميين، وأن الحرب الحالية لن تنتهي إلا بتحقيق العدالة والمساءلة للجميع.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في سبتمبر الماضي، عقوبات على زعيم الحركة الإسلامية في السودان علي كرتي، جراء مسؤوليته عن عرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار واستعادة التحول الديمقراطي في السودان.
ويعتبر أعضاء المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، خالد عمر وياسر عرمان، أن الإسلاميين هم جذر الشر، وأنه يجب إنهاء سيطرتهم على القوات العسكرية والأمنية لتحقيق التقدم في البلاد.