قصص مروعة من معتقلات القوات المشتركة في الفاشر
كشف معتقلون سابقون في مراكز الاحتجاز التابعة للقوات المشتركة التي تقاتل بجانب الجيش السوداني في الفاشر عن قصص ومشاهد صادمة عاشوها خلال فترة اعتقالهم.
تسليط الضوء على الانتهاكات
تسلط روايات الناجين من معتقلات الحركات المسلحة بالفاشر الضوء على مراكز الاحتجاز غير القانونية التي يُمارس فيها التعذيب بطرق لا إنسانية، مثل التجويع، ما تسبب في وفاة العشرات داخل هذه السجون.
التعذيب بالتجويع
تم اجراء مقابلات مع عدد من الناجين وأقارب بعض الضحايا الذين لقوا حتفهم في هذه المعتقلات بسبب الجوع والتعذيب المتنوع.
مهيمن يوسف، شاب في العشرينات من عمره، أمضى 47 يومًا في أحد مراكز الاحتجاز التابعة للقوات المشتركة للحركات المسلحة قبل أن يُفرَج عنه بواسطة أحد الضباط المعروفين لعائلته.
كان يوسف محتجزًا في مقر بعثة “اليوناميد” السابق، الذي أصبح الآن المقر الرئيسي لقوات الحركات المسلحة في الفاشر. يروي يوسف قصة اعتقاله بعد إطلاق سراحه قائلاً إنه ووالده قررا مغادرة منزلهم في حي المعهد بسبب احتدام المعارك شرقي الفاشر، وكان ذلك بعد سبعة أيام من انفجار الأوضاع في مايو الماضي.
وأضاف يوسف: “أحد عناصر الحركات المسلحة أوقفنا عند نقطة تفتيش في حي الطريفية شرقي السوق، وطلب من والدي أن يبقيني هناك لاستجوابي”. وأكد أنه “ظل ليلة كاملة في نقطة التفتيش قبل أن يعود والده في صباح اليوم التالي ليُبلَغ رسميًا بأنه متهم بالتخابر لصالح قوات الدعم السريع، وتم نقله إلى أحد مراكز الاحتجاز التابعة لهم في مقر اليوناميد حيث أمضى 47 يومًا دون استجواب، لكن تعرض للتعذيب”.
وأشار يوسف إلى أنه كان مع 34 آخرين في نفس الحجز، حيث كانوا يتناولون وجبة واحدة في اليوم تتكون من أربع لقيمات للفرد الواحد. وازدادت معاناة المعتقلين مع الجوع، بالإضافة إلى معاناة آخرين من الأمراض المزمنة في ظل انعدام كامل للأدوية في مركز الاحتجاز.
وأكد يوسف أنه شهد وفاة سبعة أشخاص من بين المعتقلين بسبب الجوع والمرض والتعذيب. وأضاف: “هؤلاء السبعة الذين لقوا حتفهم كانوا في نفس الحجز الذي كنا فيه، ولا نعرف شيئًا عن أوضاع مراكز الاحتجاز الأخرى”.
وأوضح يوسف أن الجثث تُنقَل بواسطة سيارة عسكرية لكن لا نعرف إلى أين يتم نقلهم.
طلبات الفدية مقابل إطلاق السراح
من جانبه، روى أحد عناصر الشرطة، فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن القوة المشتركة قامت باعتقال المساعد شرطة عبد المعز جمال الدين، الذي يعمل في قسم الجوازات والهجرة بشمال دارفور، من منزله في حي درجة أولى في يونيو الماضي.
وقال إن الحركات المسلحة كانت قد طالبت الشرطي بمغادرة منزله المجاور لمنزل اللواء جدو حمدان أبو نشوك، قائد قطاع الدعم السريع بشمال دارفور، قبل أن يتم اعتقاله واقتياده إلى المعتقل، حيث فارق الحياة هناك جراء التعذيب، وذلك حسب تقرير الأطباء.
وأضاف المصدر أن “القوة المشتركة لديها عدد من مقرات الاحتجاز التعسفي في كل من اليوناميد ومخيم زمزم، وقد فتحت مؤخرًا سجون أخرى في منطقة تمركزها الجديد في خزان قولو، 9 كم غرب الفاشر”. وأوضح أن القوة المشتركة أصبحت تراكم الأموال من وراء هذه الاعتقالات التعسفية بعد مطالبة ذوي المحتجزين بدفع فدية مالية مقابل إطلاق سراحهم.
قصص أخرى من الفاشر
من جهتها، تحدثت مكينة أحمد، ربة منزل من منطقة مقرن غرب الفاشر، عن اعتقال ابنها من قبل “القوة المشتركة” التابعة لحركات الكفاح المسلح، قبل أن يُطلَق سراحه بوساطة عدد من أعيان الفاشر. وأشارت إلى أن شقيقها يوسف أحمد ما زال محتجزًا في سجون الحركات حتى اليوم، مع انقطاع أخباره منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وناشدت القوة المشتركة بإطلاق سراحه فورًا أو تقديمه للعدالة.
انتهاكات حقوق الإنسان
كشف مدافعون عن حقوق الإنسان في شمال دارفور عن حملة اعتقالات واسعة نفذتها القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، والتي طالت قادة سياسيين ومدنيين بتهم الاشتباه والتخابر مع قوات الدعم السريع.
وفي رسالة وجهها المحامي والمدافع الحقوقي عبد العزيز عثمان سام إلى رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي في أواخر يونيو الماضي، أشار إلى أن استخبارات الحركة اعتقلت البرلمانية السابقة والناشطة الحقوقية سهام حسن حسب الله.
ونفى المتحدث باسم الحركة، الصادق علي نور، في تصريح صحفي، أن تكون الحركة لها صلة بالاعتقالات في الفاشر، وأفاد بأن استخبارات القوة المشتركة هي التي تقوم بعمليات الاعتقالات بعد تجميع معلومات كافية حول الأشخاص المتهمين.
حركة تحرير السودان ودورها
يشار إلى أن حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي هي جزء من القوة المشتركة للحركات المسلحة.