يحكى من طرائف النكات انه كان هنالك شخصين واحد ياباني والاخر سوداني، فقال الياباني للسوداني أنكم ايها السودانيون فاشلون فنحن في اليابان أغبى رجل عندنا يصنع طائرة فضحك صاحبنا السوداني وقال له: نحن أغبى رجل عندنا رئيس عدييييل.
وقبل الخوض في لجة ماهو معروف الحديث عنه لنؤكد على أمور معينة ومتفق عليها أهمها أنه عند الحكم على استخدام عناصر السياسة الخارجية أو مايعرف بالدبلوماسية الخارجية، فإن القياس يجب أن يكون على أسس علمية لها مئات السنين وقتلت بحثا وتدرس في كل الجامعات في العالم تقريبا في كليات السياسة والاقتصاد والدبلوماسية، ويقاس عليها المكاسب التي تُجنى والخسائر التي يتم تحملها.
ومن هذا الباب فإن الخسائر يجب أن تكون جزءاً مهماً في حسبة الربح والخسارة وفي تحديد المكاسب والعمل عليها وفي تجاوز العثرات والمطبات وأحيانا الكوارث الدبلوماسية، ولكن يبدو أن كل ذلك لايعني شيئا في السودان، فماهو معروف عن الدبلوماسية السودانية منذ غاشية الانقاذ الكالحة وحتى عهد البرهان وزمرته المغامرون هو أن الدبلوماسية السودانية فاشلة بكل المقاييس، وما أن يورط أحدهم السودان والسودانيين في مأزق حتى يأتي آخر من نفس الزمرة يمضي بالبلاد لهاوية جديدة سحيقة.
إن حديث ياسر العطا مؤخرا عن دول يربطها بالسودان تاريخ عظيم من التعاضد والدعم والتبادل هو حديث يصعب أن يخرج من صدر رجل يعي مايقول أو لنقل يصعب أن يخرج من صدر معتوه حتى، فإطلاق التهم على الدول جزافا ووعيدها بالسحق والاساءة اليها بلا تورع ولاتأدب هو سلوك يشبه عصور الفايكنج وحروب البسوس حينما لم تكن هنالك دول ولا أنظمة حديثة ولم يعرف الجنس البشري وقتها معالم السياسة والدبلوماسية، ولكن هل حديث ياسر العطا الأخير هو صوت نشاز في السياسة الخارجية السودانية، الإجابة بالطبع لا، فياسر العطا هو سليل ذات مدرسة الفشل والعطالة الفكرية التي دفعت برجل منه لتسنم موقع ريادي في مؤسسة عريقة كمؤسسة الجيش، ولوهلة تشعر وأنت تسمع لهذا الرجل أنه قام لتوه من غيبوبة عمرها ألف سنه وارتدى بزته العسكرية واعتلى المنصة وبدأ في الاساءة لدولة الامارات وقبلها كينيا وتشاد وغيرها.
إن ياسر ومن معه كشفوا للعالم وللسودانيين أن المشكلة في أساسها، تكمن في حفنة من المتهورين الذين لم يتم تزويدهم بالمعرفة المناسبة ولايملكون البوصلة التي تمكنهم من اكتشاف واستشعار الذي يقال والذي لايقال، فكيف لرجل يتسلم موقعا هاما في السودان أن يقف في المنبر ويصف دولة شقيقة كالامارات بهذه الاوصاف، هذا تصريح لايشبه السودان في علاقته الأخوية المترابطة مع دولة الامارات، التي قطعاً لن تعير هذا العطا اهتماما فهو رجل يمثل نفسه وشلة الاخونجية (الكيزان) الذين سحقوا هذا الشعب العظيم ويصرون على المضي في ذات الدرب البائس، حديث ياسر العطا لن يزيد أصدقاء السودان الا تمسكا به وبمطالب شعبه في الاستقرار والتنمية.
وانا أكتب هذا المقال مر أمامي شريط طويل من ذكريات تنكب الدبلوماسية السودانية بفعل الأشخاص، والتي بدأت في العام ١٩٩٠ حينما قرر المعزول البشير الوقوف مع العدوان العراقي ضد الشعب الكويتي ولم يتوقف، وذات البشير يتوعد امريكا وروسيا بدنو الاجل والعذاب وواصل في ادبيات الكيزان وفي اناشيدهم واستمرت الاساءة للمبعوثين الدوليين والتدخل السافر المتهور في شؤون الغير.
وهاهو البرهان يواصل العزف في ذات السيمفونية النشاز وهو يعين السفراء الذين يعتقدون في (البعاتي) واخرون لايعرفون الانجليزية ويحرجون السودان العظيم وهؤلاء الذين يظهرون في القنوات ويتحدثون عن ان مايحدث في السودان هو تجهيز لظهور المسيح الدجال ولن يكون آخرهم ياسر العطا الشارح لنظريات اثبتت بالنسبة له أن (الكاكي بعرق) وان الامارات سيئة وان كينيا دنا عذابها واثيوبيا ليست جارة وتشاد خائنة، يحدث كل ذلك والبرهان يقف في منصة المايسترو لهذه الفرقة الموسيقية التي تعزف مقطوعة الاخيرة عنوان (انهيار الوطن).