السبت, يوليو 27, 2024
الرئيسيةاقتصادالسودان .. تراجع كبير للجنيه السوداني والمركزي يصدر قرارات وشيكة

السودان .. تراجع كبير للجنيه السوداني والمركزي يصدر قرارات وشيكة

بعد أشهر طويلة من الاستقرار النسبي، عاد الجنيه السوداني إلى تسجيل تراجع غير مسبوق أمام سلة العملات الأجنبية. هذا التراجع أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، مما سبب حالة كساد واضحة بسبب انعدام القدرة الشرائية، وسط غالبية السودانيين الذين يعيشون أوضاعاً صعبة نتيجة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.

سجل الدولار 1259 جنيهًا في التعاملات الرسمية للبنوك يوم أمس الثلاثاء، بينما لامس حاجز الـ1600 جنيه في السوق الموازي، مع زيادة الطلب على المعروض، مما يرجح فرص تسجيل المزيد من التراجع للجنيه خلال اليومين المقبلين، وفقاً لمراقبين تحدثوا للجزيرة نت.

وكان سعر صرف الجنيه السوداني مستقرًا أمام العملات الأجنبية بمعدل 600 جنيه للدولار الواحد، خلال الأشهر الثلاثة الأولى التي تلت اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي. ومع ذلك، بدأ الجنيه السوداني يتراجع بسرعة بعد ذلك الفترة.

أدى هبوط العملة المحلية إلى ارتفاع أسعار غاز الطهي في العديد من الولايات السودانية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. أعلنت الحكومة زيادة سعر بيع أسطوانة غاز الطهي بوزن 12.5 كيلوجرام إلى 23 ألفًا و600 جنيه، ما يعادل نحو 18 دولارًا.

وأفادت وسائل الإعلام الولائية في بداية هذا الأسبوع أن لجنة الطوارئ الاقتصادية واصلت متابعة الزيادة في أسعار الغاز المستورد خلال الأيام القليلة الماضية، نتيجة ارتفاع سعر الدولار، وقامت بجهود لتقليل تأثير هذه الزيادة على المواطنين، لكن عدم استقرار قيمة الجنيه مقابل الدولار عرقل تحقيق ذلك.

يؤكد رئيس بنك السودان المركزي، برعي الصديق علي، لشبكة الجزيرة نت، على وجود احتياطيات نقدية كافية في البنك المركزي، لكنه يلاحظ تعقيد توقعات أداء الاقتصاد بشكل عام في ظل استمرار الحرب لأكثر من عام، ويصعب تحديد تأثير ذلك على سعر الصرف ومعدل التضخم وفقًا لأهداف السياسة النقدية.

ويشير إلى أن السودان لم يحصل على دعم خارجي ملموس، وذلك بسبب توقف شبه كامل للصادرات وزيادة الطلب على العملات الأجنبية من السوق السوداء لتغطية واردات المواد البترولية، بعد توقف تصدير النفط، مما أدى أيضًا إلى تراجع الإنتاج المحلي بسبب الصراع.

يعزو محافظ البنك المركزي أسباب تدهور الجنيه – الذي يصفه بأنه عملية تراكمية – إلى زيادة حجم السيولة نتيجة تراجع إيرادات وزارة المالية من الضرائب والجمارك وغيرها، بالإضافة إلى النشاط الزائد لتجار السوق السوداء.

ويكشف الصديق عن سياسات وإجراءات يعتزم البنك المركزي الإعلان عنها في الأسبوع المقبل بالتعاون مع الجهات الأخرى لوقف التدهور المتسارع في سعر الصرف، مشيرًا إلى أنها ستعلن بعد التشاور مع الجهات الحكومية الأخرى والحصول على الموافقة من القيادة العليا في الدولة.

ويرى وزير المالية في حكومة الظل بحزب بناء السودان محمد طه أن الحرب تسببت في آثار كارثية على الاقتصاد السوداني، مؤدياً إلى شلل شبه تام في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية، اللذين يُعتبران ثاني أكبر مصادر العملة الصعبة بعد الذهب.

يشير طه في حديثه للجزيرة نت إلى أن الآثار الرئيسية للاضطرابات الحالية تتمثل في زيادة التضخم وتدهور قيمة العملة المحلية بشكل متواصل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع وندرتها.

ويرى أن في ظل توقف الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة، يصبح الطلب على العملة الصعبة ضروريًا لتمويل النفقات الحربية، مما يزيد الضغوط على النظام المالي.

يعتقد أن الانخفاض المفاجئ في أسعار صرف العملة المحلية مرده إلى افتقار وزارة المالية إلى أدوات سياسة نقدية فعالة للتصدي لهذه التقلبات، سواء في قدرتها على طباعة النقود لشراء العملة الصعبة أو التدخل المباشر في أسعار الصرف في الظرف الراهن. ويرى أن الحكومة تواجه صعوبات في تحصيل الضرائب، مما يؤثر في قدرتها على تلبية الالتزامات المالية، بما في ذلك رواتب الموظفين الحكوميين.

يستبعد أن يكون للحكومة دور مباشر في التغيير المفاجئ لأسعار الصرف، ويعزو الرئيس السابق لاتحاد المصارف عباس عبد الله السبب الرئيسي لتدهور سعر الصرف إلى الحرب التي أدت إلى تراجع معظم الصادرات وأهمها صادر الذهب.

من وجهة المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي، يتضح الوضع الاقتصادي السوداني من خلال الفجوة في الميزان التجاري، حيث تبلغ قيمة الواردات 11 مليار دولار مقابل 4.5 مليارات دولار للصادرات، ليصل العجز في الميزان التجاري إلى 7.5 مليارات دولار.

ويلاحظ أن الموارد الأخرى التي كانت تساهم في تقليل أثر العجز في موارد النقد الأجنبي لم تعد متاحة بسبب الحرب، مثل القروض والمعونات الأجنبية والودائع من الدول الصديقة، وتحويلات العاملين بالخارج، ورسوم العبور للأجواء السودانية، ورسوم مرور بترول دولة جنوب السودان.

ويضيف فتحي: “لذلك، في تقديري، عملت الحكومة على شراء العملة الأجنبية من موارد أخرى لمواجهة استيراد السلع والخدمات الضرورية، فاستغل المضاربون وتجار الأزمات السانحة هذه الفرصة”.

بدوره، يرى المحلل المصرفي والمدير السابق لبنك النيلين عثمان التوم أن غياب المعلومات الرسمية عن العرض والطلب يجعل من الصعب تحليل الوضع، حيث أن المضاربون يعتبرون المحرك الرئيسي في هذا السياق.

ويعزو التوم تأرجح أسعار الصرف إلى توقعات موسم الحج، حيث يزداد الطلب على العملات في هذا الوقت من السنة، ولكن يبدو أن عدد الذين سجلوا للحج هذا العام لم يتجاوز 30-40% من الحصة المقررة للسودان.

ويضيف: “من بين العوامل التي تؤثر في سعر الصرف كمية الذهب المصدر والمهرب، وكلتاهما لا تتوافر عنها معلومات، مما يفتح الباب أمام التكهنات والتضارب في الأسعار”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات