السبت, يوليو 27, 2024
الرئيسيةالرأيالكيزان .. ودمار السودان

الكيزان .. ودمار السودان

إن المغالطة والمجادلة المستمرة منذ 15 أبريل الماضي عن قوى الحرية والتغيير هي التي اشعلت الحرب أو تدعم قوات الدعم السريع للإستيلاء على السلطة والانقلاب تبدو مضحكةً للغاية ، بل ووقحة أيضاً ولاتقف على ساقين، و لا تسقيم عقلاً، كيف ذلك؟ ببساطة ليس من المعقول أن تتحدث وتعمل قوى الحرية لأجل إنهاء حالةٍ انقلابية ووضع انقلابي وسلطةٍ انقلابية مُضحكةٌ في تشكيلها وتكوينها قامت على إبعادها بفوهةِ البندقيةِ والزج بعضويتها وقياداتها ووزارئها ومسؤوليها التنفيذيين في السجون عبر رؤيةٍ سياسية مفصلة اطلقت في يناير/فبراير 2022 لإنهاء الانقلاب ومرت بمساراتٍ ومفاوضاتٍ ماراثونية حتى توقيع الاتفاق السياسي الإطاري في 5 ديسمبر من ذات العام، ثم بدء المرحلةِ النهائية من يناير 2023 حت صبيحةِ 15 أبريل الماضي وعلى وشك بلوغ السلطةِ وتكوين هياكلها الانتقالية وتأتي لإشعالِ حربٍ غير مجديةٍ وعبثيةٍ وليست في مصلحةِ الوطن والجميع فما تريدهُ وقوى الثورةِ والانتقال قد تحقق بآلياتٍ سياسيةٍ ومدنيةٍ وسلمية.

لكن صاحب المصلحة في الحرب هو الذي ظل هدد دائماً بنسف العملية السياسية وعدم اكتمال الاتفاق السياسي الإطاري لإتفاقٍ نهائي لأنها تركزت في جميع توصياتِ ورش ومؤتمراتِها على (تفكيك نظام الـ30 من يونيو) في المؤسسات المدنيةِ والعسكرية واستعادتها لصالح دولةِ الوطن والمواطنة ، محاولاتُ قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان على الدوام انكار علاقتهِ بالإسلاميين تكذبه وقائع وأحداث عديدة وشواهد كثيرة بدءً بخطابِ الحرب الذي ابتدره الكيزان منذ 2022 مع بدء عملية سياسية تنهي الانقلاب حتى افطاراتِ رمضان الماضي، ومحاولات إلصاق اشعال الحرب بقوى الحرية والتغيير تحت آراء ووجهات نظرٍ رغائبية ليست سوى محض غباء، فلو كانت قوى الحرية والتغيير تريد دعم أحد طرفي الحرب لكان انتصر الآن وانتهى أمر الطرف الآخر ولماذا؟ لأن خطاب قوى الحرية والتغيير هو خطابٌ واضح وحقيقي وينبني على أسسٍ وقع عليها قائدا الجيش وقوات الدعم السريع وكونهما يريدان خطاباً لحربها فإن الأكثر معقولية هو خطاب الحرية والتغيير وليس خطاب الكيزان ويتوافق مع مطالب التغيير الجذري واجتثات الكيزان بقوةِ السلاح ووقتها كان الكيزان سيصطفون إلى جانب الدعم السريع لا أكثر ولا أقل، ذلك طبعاً بمنطق السذاجةِ والغباء إذا تابعنا آراء وتحليلاتِ الإسلاميين والناشطين المتحولين.

المفارقة تبدو أكثر مما تبدو أن الكيزان كانوا يرتبون من داخل القوات المسلحة لنسف الإتفاق السياسي وقطع الطريق أمام اكتماله ولإعطاء انفسهم المشروعية ومبرر الاصطفاف نظموا حملتهم أن قوى الحرية والتغيير تقف إلى جانب الدعم السريع ليعطوا أنفسهم مبرر القتال إلى جانب الجيش وفتح معسكرات الاستنفار بذاتِ ماضيهم البغيض والتافه في عسكرة الفضاء العام والمدني، مع فارق بسيط هو أنهم في الماضي كانوا يرفعون شعارات دينية، والآن يتحدثون عن السرقة والنهب والسلب والاغتصاب والذي هم منتج حصري لمشروعهم الحضاري وسنوات حكمهم العجاف، تجاوزا ذلك إلى إثارة النعرات القبلية والجهوية.

كان صدمةً لأطراف الحرب وللكيزان ولجميع المزايدين والانقلابيين ممن دعموا انقلاب 25 أكتوبر 2021 أن قوى الحرية والتغيير التزمت مسارها السياسي المُعلن منذ إعلانها في يناير 2019 بالإلتزام بالسلمية والآليات المدنية وانهاء الحروب في السودان واتخاذها موقفاً رافضاً للحرب والدمار، المزايدون والذين كانوا دائماً أصواتاً ساهمت في تقويض الانتقال الديمقراطي ظلوا يهاجمون الحرية والتغيير لموقفها الأخلاقي والسياسي الموضوعي والمثالي هذا بإعتبارها قوى مدنية وسياسية تنظر إلى أن مستقبل البلاد في تحقيق الحرية والسلام والعدالة وليس في الوصول إلى السلطة عبر السلاح والانقلابات واشعال الحروب مثل الكيزان، هذه الحرب وهذا السلب والنهب والنزوح واللجوء والدمار هو ماتنتجه الحروب وتقف ضده قوى الحرية والتغيير، هذا مالم تراه أعين نسبة مقدرة من السودانيات والسودانيين في مناطق النزاعات والحروب في كلٍ من جنوب السودان -قبل الانفصال- وشرق السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، الفارق أن ذات الدمار والاقتتال والقتال هذه المرة كان في مركز صناعةِ القرار السياسي والاقتصادي، وفي كلٍ فإن حدةِ الحروب والانقسامات الاجتماعية ما زادت ولا تنامت إلا بعد وصول الكيزان إلى السلطة بإنقلاب عسكري في يونيو 1989.

الكيزان هم أزمةُ هذه البلاد، نظام الإنقاذ والمؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية، نظامٌ فاسد وقاتل دمر السودان سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، قسم السودانيين على أساسٍ جهوي ومناطقي وإثني وقبلي وديني، نظامٌ جاء يحمل في داخله جينات تدمير هذه البلاد، والآن يريد إعادة انتاج نفسه بتصفير العداد، ولكن ذلك لن يتحقق له مطلقاً.

الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يجب أن يحاكم مرتكبوها في محاكم الحرب متى ما انتهت وكذلك من أشعلوها، وتسببوا فيها وهم الكيزان .. لا وجود للكيزان مستقبلاً جزاءً على ما اقترفت أياديهم ستنتهي الحرب عاجلاً أم آجلاً وسيتم تفكيك نظامهم، وعزلهم سياسياً واجتماعياً ولا بقاء لهم في الحياة المدنية والسياسية مطلقاً.

حسام الدين حيدر
الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات