السبت, يوليو 27, 2024
الرئيسيةالاخباررفض البرهان دعوة حميدتي لإنشاء دولة سودانية جديدة.

رفض البرهان دعوة حميدتي لإنشاء دولة سودانية جديدة.

الخرطوم- في الوقت الذي تفاعلت فيه قوى سودانية مع دعوة قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) لإقامة دولة جديدة تجنب الأخطاء التاريخية، أعرب قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان يوم الاثنين عن رفض ضمني للدعوة وأصر على استمرار القتال.

حاول البرهان تغيير التصوّر الذي يقول إن خروجه من العاصمة الخرطوم وزيارته لبورتسودان كان هروبًا من الوضع العسكري الصعب، حيث قام بتقديمه على أن هذه الخطوة تمت بترتيب من الجيش ولم تكن جزءًا من اتفاق سياسي، وألمح إلى أنها بداية لمرحلة جديدة من النضال.

أشارت مصادر سودانية إلى أن خطاب البرهان كان متشددًا إلى حد ما، وأنه قد يكون ردًّا على طلب قيادات إسلامية داخل الجيش. ورآت تلك المصادر أن البرهان واجه صعوبة كبيرة في الخروج من الإطار العسكري لتلك القيادات وأجنداتها السياسية. هذا الأمر دفعه نحو تبني رؤية توحي بأنه لم يوقع على اتفاق وقف إطلاق النار، وأنه لن يتراجع عن العمليات العسكرية، في محاولة لتأكيد التزامه بالموقف العسكري وتأجيج النزاع.

في مساء الأحد، أثنت نفس الدوائر السودانية على بيان صدر عن قوات الدعم السريع، الذي قدم رؤية شاملة لحلول الأزمة في السودان وتناول مسائل تم تجاهلها. وأظهر هذا البيان حنكة قائد الدعم السريع، الجنرال حميدتي، وكشف عمق الفجوة السياسية بينه وبين منافسه البرهان.

أبدى حميدتي استعداده لوقف الحرب والمشاركة في عملية سياسية تعالج جميع المشكلات التي واجهها السودان على مر العقود الماضية. بينما أظهر البرهان عدم استعداده للتخلي عن الخيار العسكري. وفي كل مرة تبدو فيها الفرصة للتوصل لتسوية معه، يعود إلى مواقفه العسكرية.

حاول البرهان تحويل الانتباه من مقترحات حميدتي للتعامل مع الأزمة الحالية ومعالجة تداعياتها، من خلال التحدث عن تفاصيل الحرب وتقدمها بوسائل عسكرية. ذلك ليعطي انطباعًا بأنه ما زال يمتلك السيطرة ويمكنه تحقيق نجاح عسكري بعد خمسة أشهر من النزاع.

قدّم حميدتي رؤية سياسية تقول أن النظام السياسي “يجب أن يكون فيدراليًا، ديمقراطيًا، ومدنيًا”. حيث يتيح النظام الفيدرالي غير التماثلي توزيع السلطات بشكل متفاوت بين الوحدات المكونة للاتحاد الفيدرالي، مما يناسب السودان.

تظهر قوات الدعم السريع تحفّظها على وقف إطلاق النار لفترة طويلة بالتفاوض مع الجيش السوداني، وتقديم رؤيتها “لتأسيس دولة سودانية جديدة”. هذه المبادرة يمكن أن تعزز الجهود المبذولة لإجراء محادثات مباشرة بين الأطراف المتنازعة.

يبدو أن حميدتي مستعد للتفاوض مع الجيش حول هيكلية الدولة المستقبلية، تجاوزًا الجوانب التقنية لوقف إطلاق النار التي عرقلت جهود الوساطة السعودية – الأميركية.

أشار بيان من قوات الدعم السريع إلى أن الحرب ليست سوى نتيجة أو جزء من مظاهر الأزمة الشاملة التي تتواجد لفترة طويلة، مما يستدعي التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار مع تطبيق مبادئ الحل السياسي الشامل لمعالجة جذور النزاعات في البلاد. وأكد البيان أن هذه الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل الماضي تمثل الختام لجميع نزاعات السودان.

وتحت رؤية “تأسيس الدولة السودانية الجديدة”، اعتمد حميدتي على مبادئ سبق أن تم طرحها، مثل الحكم الاتحادي المتعدد الثقافات والانتخابات الديمقراطية وتجنيد الجيش الواحد. يعتبر حميدتي أن الخطوة الصحيحة لتحقيق سلام مستدام تكمن في “وقف وإنهاء العنف البنيوي الذي يمارسه الدولة ضد جماعات واسعة من السودانيين، خاصة في مناطق متفرقة من السودان”.

شدد على أهمية أن تشمل محادثات السلام مشاركة القوى “التي قاومت أيديولوجية نظام عمر البشير وساهمت في إطاحته”، سواء كانت هذه القوى في المناطق الرئيسية أم في المناطق الحدودية. وشملت هذه القوى الوطنية المهنيين ولجان المقاومة والشباب والنساء.

تبدو القوى الوطنية، التي شهدت انفصال جنوب السودان عن السودان، مستياءة من الطريقة التي يتعامل بها البرهان وفريقه مع مبادرة حميدتي للحل الشامل. فتفويت هذه الفرصة قد يفتح الباب أمام سيناريوهات غير معروفة، ولا يعلم أحد مدى تأثيرها المستقبلي.

هذه هي المرة الأولى منذ وقت طويل يتناول فيها قائد سوداني فكرة التعامل مع القضايا المركزية التي تعترض السودان. فمنذ فشل مشروع جون قرنق، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، في تأسيس “السودان الجديد”، وانقسم السودان إلى جنوب وشمال، لم يتم التطرق إلى فكرة معالجة هذه القضايا.وفضل الرئيس السابق عمر البشير انفصال جنوب السودان على الوحدة والاندماج، لأن الانفصال أبقى على البشير في سدة الحكم.

يُقارن متابعون بين ما حدث خلال عهد البشير وقرنق وبين ما قد يحدث في عهد البرهان وحميدتي، وتظهر النتائج المأساوية التي نجمت عن تصميم البشير على التفضيل للعنصر الديني على العنصر الوطني. يظهر أن البرهان يسعى إلى تكرار نمط سابق، ورغم اختلاف التفاصيل، إلا أن الأسس تبدو مشابهة.

أوضح كمال بولاد، مقرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، أن نجاح خطة الطريق التي أعلنتها قوات الدعم السريع يتوقف على كيفية إيقاف الحرب. وأضاف أن الفرصة تكمن حاليًا في استغلال الانفتاح على الحلول السياسية لإيقاف القتال، بعد أن تسبب الصراع في تدمير الخرطوم ومناطق أخرى.

أوضح بولاد في تصريح خاص أن الجيش وقوات الدعم السريع يجب أن يتشاوروا مع الشعب السوداني والقوى السياسية المختلفة لاتخاذ خطوات تؤدي إلى وقف الحرب والمشاركة في عملية سياسية. وأكد أهمية العودة إلى الانتقال الديمقراطي والاهتمام بإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار والأمان وعودة النازحين.

أشار إلى أن نجاح خارطة طريق قوات الدعم السريع يعتمد على اختيار الشعب لقادة من يحكمون عبر عملية تناوب سلمي على السلطة، وضرورة منع الحروب الأهلية والأنظمة الشمولية والعسكرية.

أشار بولاد إلى أن مقترح تأسيس دولة فيدرالية لم يحظ بتوافق سابق بين جميع القوى السياسية، وسيتطلب المزيد من الحوارات في إطار المؤتمر الدستوري لتحديد كيفية حكم السودان.

المصدر: صحيفة العرب

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات