أعرب قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان عن استعداد مشروط للتفاوض مع قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مشيرا في الآن ذاته إلى قناعة لديه بالانتصار في هذه الحرب.
وتعكس تصريحات البرهان تأكيدا إضافيا على أنه من يقف حجر عثرة أمام التوصل إلى سلام في هذا البلد الذي يشهد منذ أبريل الماضي صراعا داميا خلف الآلاف من الضحايا، والملايين من النازحين.
ويتساءل نشطاء سودانيون عن سر هذه الثقة لدى قائد الجيش بالفوز في هذه الحرب، مع أن الوضع الميداني يصب في صالح قوات الدعم السريع، مشيرين إلى أن خطابه يذكرهم بالرئيس الأوكراني في مساعيه لإقناع الرعاة بالمزيد من الدعم لكسر شوكة روسيا.
وبعد خطابه أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال البرهان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي نشرتها مساء السبت، إنه واثق في الانتصار على قوات الدعم السريع.
وتابع البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، أنه سيجلس مع حميدتي، طالما أنه ملتزم بحماية المدنيين، وهو ما تعهد به الجانبان خلال محادثات مدينة جدة السعودية في مايو الماضي، مضيفا “نحن مستعدون للمشاركة في المفاوضات”.
وفي السادس من مايو الماضي، بدأت السعودية والولايات المتحدة برعاية محادثات بين الجيش والدعم السريع، أسفرت عن اتفاق بين الجانبين لحماية المدنيين، بالإضافة إلى أكثر من هدنة جرى خرقها وتبادل الطرفان اتهامات بالمسؤولية، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.
البرهان زاد بأنه “إذا كانت قيادة هذه القوات المتمردة (يقصد الدعم السريع) ترغب في العودة إلى رشدها وسحب قواتها من المناطق السكنية والعودة إلى ثكناتها، فسوف نجلس مع أي منهم، خاصة إذا التزم بما تم الاتفاق عليه في جدة، سنجلس لحل هذه المشكلة”.
كان هناك العديد من الخلافات بين البرهان وحميدتي، وأحد أبرزها كان بشأن المدى الزمني المطلوب لتنفيذ اقتراح دمج قوات “الدعم السريع” في الجيش. هذا الاقتراح يمثل بندًا رئيسيًا في الاتفاق المأمول الذي يهدف إلى إعادة السلطة إلى المدنيين.
وقبل أيام، أعلن حميدتي عبر مقطع فيديو أنه مستعد لبدء محادثات سياسية، والتوصل إلى سلام، وجاء كلام قائد قوات الدعم السريع بعيد خطاب تصعيدي للبرهان أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة حذر خلاله من إمكانية أن تشمل الحرب كامل المنطقة.
وعلى الرغم من تقارير للأمم المتحدة ومؤسسات خيرية أخرى عن وجود أدلة ثابتة على شن قواته غارات جوية عشوائية على مناطق سكنية، نفى البرهان أن تكون قواته تستهدف المدنيين.
وأضاف البرهان أنه إذا كانت قيادة هذه القوات المتمردة (مشيرًا إلى الدعم السريع) تتطلع إلى العودة إلى الانضباط وسحب قواتها من المناطق السكنية للعودة إلى ثكناتها، فإنه سيكون هناك استعداد للجلوس والتفاوض مع أي منهم. وخاصة إذا تم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في جدة، وبهذا الشكل سيتم بحث وحل مشكلة القوات المسلحة المذكورة.
وشدد على أن قواته “قوات محترفة، نعمل بدقة ونختار أهدافنا في المناطق التي يتواجد فيها العدو فقط .. لا نقصف المدنيين ولا نستهدف المناطق السكنية”.
وجدير بالذكر أن الجيش وحده من يملك طائرات حربية، وقد ارتكبت قواته خلال الفترة الماضية العديد من المجازر في الخرطوم وغيرها من المحافظات.
وردا على سؤال بشأن احتمال أن يصبح السودان “دولة فاشلة مثل الصومال أو مقسمة مثل ليبيا”، أجاب بأن “السودان سيبقى موحدا. وليس دولة فاشلة. لا نريد ما حدث في الدول الأخرى التي ذكرتها. الشعب السوداني الآن متحد خلف قضية واحدة، إنهاء هذا التمرد سلميا أو بالقتال”.
وفي حين ترى الأمم المتحدة أنه لا يبدو أن أيا من الطرفين المتحاربين يقترب من تحقيق نصر عسكري حاسم، قال البرهان إنه واثق بالتأكيد من هزيمة قوات الدعم السريع.
خطابات قائد الجيش السوداني تذكر نشطاء بالرئيس الأوكراني في مساعيه لإقناع الرعاة بالمزيد من الدعم. لكنه اعترف بأنه اضطر إلى نقل مقر قيادته إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر (شرق)، لأن القتال في العاصمة الخرطوم جعل من المستحيل على الحكومة الاستمرار.
وأضاف “في الخرطوم، لا تستطيع البعثات الدبلوماسية والوزارات وجميع الأجهزة الحكومية القيام بواجباتها بشكل طبيعي، لأنها منطقة حرب، هناك قناصة وعمليات عسكرية تجري”.
وبين البرهان وحميدتي خلافات عديدة كان أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح بدمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهو بند رئيس في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين.
وحين كان متحالفا مع دقلو، فرض البرهان في أكتوبر 2021 إجراءات استثنائية، بينها حل مجلسي الوزراء والسيادة، وهو ما اعتبره المدنيون انقلابا، بينما قال البرهان إنه تصحيح للمسار الانتقالي، متعهدا بإعادة السلطة إلى المدنيين، وهو ما لم يحدث.
المصدر: صحيفة العرب