في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة بسبب تداعيات حرب 15 أبريل، التي أشعلتها جماعة الإخوان المسلمين بعد اختطافها للجيش، والتي أحدثت آثارًا بالغة التعقيد، نتج عنها نزوح ولجوء أكثر من عشرة ملايين شخص، بالإضافة إلى نحو 26 مليون بحاجة إلى مساعدات إنسانية، تزداد المخاوف من حدوث مجاعة في السودان.
تشير تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية إلى أن الأوضاع الإنسانية في السودان كارثية، خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الأمراض المزمنة. وقد فقد العديد منهم حياتهم بسبب نقص الأدوية المنقذة للحياة والتحديات الكبيرة التي تواجهها المنظمات في توصيل المساعدات الإنسانية.
محادثات جنيف:
شارك وفد الدعم السريع في محادثات غير مباشرة في العاصمة السويسرية “جنيف” مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، السيد رمطان لعمامرة. وقد تسلم الأمين العام للأمم المتحدة خطابًا رسميًا من قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، يتضمن التزامات من جانبه بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين والمتضررين من الحرب. واعتبر مراقبون هذه الخطوة دليلاً على جدية دقلو في إنهاء معاناة السودانيين.
خطاب حميدتي:
اشتمل خطاب قائد قوات الدعم السريع، وفقاً لأفادات المهتمين والمراقبين، على قضايا جوهرية ومهمة. وطالب الخطاب مجلس الأمن بتبني قرار يعلق عضوية السودان في الأمم المتحدة بسبب عدم شرعية “الحكومة الانقلابية المتواجدة في بورتسودان”، التي أطاحت بحكومة الثورة عبر انقلاب 25 أكتوبر 2021.
كما اشتمل الخطاب على مطالبة بحظر الطيران في المناطق التي لا تشهد قتالاً، خاصة المأهولة منها بالسكان، والتي تضررت تمامًا بسبب القصف العشوائي لطيران الجيش. وأشار حميدتي في خطابه إلى حزمة من التدابير والالتزامات الإنسانية، منها ضمان العبور الآمن للأفراد والإمدادات، والامتناع عن استهداف الأصول والعاملين في المجال الإنساني، والعمل على تأمين المرافق والمؤسسات الإنسانية، وأية مساعدات أخرى من شأنها أن تساعد في انسياب ووصول المساعدات الإنسانية للمتضررين.
مفاوضات ثنائية:
أفادت تقارير صحفية بأن الأوضاع المأساوية، خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن، تحتاج إلى تدخل إنساني سريع. وأوضح وفد الدعم السريع في المؤتمر الصحفي الذي عقد خصيصًا لهذا الشأن أن المفاوضات جرت بشكل ثنائي مع الأمم المتحدة، وتم الاتفاق معها على تسهيل وصول المساعدات إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع وفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية.
ومن المعروف أن قوات الدعم السريع تسيطر على أجزاء واسعة من البلاد، تُقدر مساحتها بحوالي 75% من مساحة السودان، وتتواجد فيها أعداد كبيرة من المواطنين.
تعنت الجيش:
على الرغم من تقارير الأمم المتحدة التي تنذر بالمجاعة، إلا أن قيادات الجيش السوداني استمرت في التقليل من خطر الجوع، حيث نفى الفريق إبراهيم جابني بشكل قاطع وجود خطر المجاعة في البلاد.
أما فيما يخص إيصال المساعدات، فإن موقف الجيش يتراوح بين اتهامات لقوات الدعم السريع بأنها “هي التي تمنع إيصال المساعدات”، ورفض فتح المعابر في مناطق سيطرتها بحجة أن “قوات الدعم السريع تسعى لإدخال السلاح”، ما يضع العراقيل، بحسب مراقبين، أمام وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها.
مطالب مشروعة:
أوضح المراقبون أن سلوك الجيش السوداني تجاه المحادثات الإنسانية ليس إلا محاولات لوضع عراقيل لدخول المساعدات، تحت دعاوى وحجج بأن مناطق سيطرة الدعم السريع تمثل “الحواضن” الاجتماعية والسياسية، مما يجعل جميع المطالب الواردة في خطاب قائد الدعم السريع للأمين العام للأمم المتحدة مشروعة.