سجلت أسعار العملات الأجنبية في السوق الموازي بالسودان اليوم الخميس مستويات غير مسبوقة، في ظل استمرار التدهور الاقتصادي الناتج عن الحرب التي اندلعت في أبريل 2023. فقد بلغ سعر بيع الدولار الأمريكي 3613 جنيهاً، مقارنة بـ560 جنيهاً عشية اندلاع الحرب، ما يعكس ارتفاعاً يفوق 545% خلال 29 شهراً فقط.
بلغ متوسط سعر شراء الدولار 3550 جنيهاً، مع وجود فروقات طفيفة بين المناطق. كما سجل الريال السعودي 946.66 جنيهاً، والدرهم الإماراتي 967.30 جنيهاً، فيما وصل اليورو إلى 4176.47 جنيهاً، والجنيه الإسترليني إلى 4797.29 جنيهاً. أما الدينار البحريني والدينار الكويتي، فقد تجاوزا على التوالي 9300 و11,450 جنيهاً، في مؤشر إضافي على الانهيار الحاد لقيمة العملة المحلية.
تأتي هذه القفزة بعد فترة من التقلبات الحادة، إذ شهدت أسعار الصرف ارتفاعات قوية في أغسطس، تلتها فترة قصيرة من الاستقرار، قبل أن تعاود الارتفاع. ووفقاً لتقارير رسمية، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 81% في أغسطس مقارنة بـ78.39% في يوليو، مدفوعاً بارتفاع أسعار الغذاء والنقل والخدمات.
من جانب آخر، فقد الجنيه السوداني أكثر من 85% من قيمته خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، نتيجة تزايد الطلب على النقد الأجنبي لتمويل الواردات الأساسية مثل الغذاء والوقود والدواء، في ظل توقف إيرادات النفط وتحويلات المغتربين وتراجع القروض الخارجية.
الخبير الاقتصادي السوداني هيثم فتحي أوضح أن الأزمة “محلية في جوهرها”، ناجمة عن تفكك البنية المالية للدولة، وتوقف التحصيل الضريبي، وتوسع المضاربات في سوق العملات. كما حذر من مخاطر تضخم جامح وانهيار مستويات المعيشة إذا استمرت الحرب وتعذر التوصل إلى تسوية سياسية.
يتوقع خبراء اقتصاديون أن يتجاوز سعر الدولار 5000 جنيه سوداني خلال العام المقبل إذا استمر الوضع الراهن، ما يضع البلاد أمام تحديات اقتصادية وجودية قد تهدد بانهيار شامل. وتزامن ذلك مع تحذيرات دولية من تفاقم أزمة النزوح والمجاعة، حيث تشير تقديرات إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص داخلياً وخارجياً، وبدء ظهور مؤشرات مجاعة في مناطق واسعة من دارفور والجنوب.
في ظل غياب إصلاحات اقتصادية شاملة وتوقف الحرب، يبقى الجنيه السوداني عرضة لفقدان قيمته كلياً، ما يجعل الأزمة الاقتصادية في السودان مرشحة للتفاقم ما لم يتم تفعيل تدخل دولي عاجل لإعادة الاستقرار المالي والاقتصادي.