تشهد الساحة السياسية والعسكرية في السودان تناقضًا واضحًا بين تصريحات قادة الجيش بشأن إنهاء الحرب المستمرة مع قوات الدعم السريع. فبينما أبدى رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، انفتاحه على الجهود الدولية الرامية لوقف الصراع المدمر، تأتي تصريحات نائبه ياسر العطا داعية إلى حسم المعركة عسكريًا، ورفض أي تفاوض مع قوات الدعم السريع.
انفتاح البرهان على الحلول السلمية
في أعقاب دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف الأعمال القتالية واستئناف المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أكد البرهان استعداد حكومته للتعاون مع الشركاء الدوليين من أجل التوصل إلى حل سلمي، يعيد الاستقرار إلى السودان ويخفف من معاناة الشعب.

رفض العطا للتفاوض وتصعيد الدعوة للحسم العسكري
على الجانب الآخر، صرح الفريق أول ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش، بأن القيادة العسكرية والمدنية متفقة على ضرورة استمرار القتال حتى “دحر التمرد”. وأكد العطا أن الجيش لن يستسلم أو يتفاوض مع قوات الدعم السريع، مشددًا على أن القيادة العسكرية تحشد قواتها لمواصلة المعركة وتحقيق النصر.

موقف حميدتي من المحادثات
في المقابل، عبّر قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن استعداده للالتزام بوقف إطلاق النار والانخراط في عمليات السلام، استجابة لدعوة الرئيس الأمريكي. وأضاف أن قواته لم تكن مسؤولة عن اندلاع الحرب، محملًا الحركة الإسلامية السودانية مسؤولية تأجيج الصراع.
خلفية القوات المساندة للجيش
تتكون القوات المساندة للجيش، والتي يقودها ياسر العطا، من وحدات شبه عسكرية مثل “كتيبة البراء بن مالك” و”كتائب البنيان المرصوص”، المرتبطة بالجبهة الإسلامية القومية. تلعب هذه القوات دورًا رئيسيًا في القتال ضد قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
التناقض الواضح في الاستراتيجية
يرى مراقبون أن تصريحات العطا المتشددة قد تكون جزءًا من استراتيجية “تبادل الأدوار” بينه وبين البرهان، حيث يسعى البرهان إلى ترك المجال مفتوحًا أمام الحلول الدبلوماسية، بينما يعزز العطا الموقف العسكري كأداة ضغط.
استمرار النزاع وتأثيره الإنساني
الاشتباكات المستمرة، خصوصًا في مدينة الفاشر بدارفور، تزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد. ورغم الدعوات الدولية لوقف الحرب، لا تزال قوات الدعم السريع والجيش يتبادلان الاتهامات حول مسؤولية استمرار القتال، مع قصف متواصل للمناطق المدنية وسقوط مزيد من الضحايا بين المدنيين.
في ظل هذا التناقض بين قيادات الجيش السوداني، يبقى الشعب السوداني في قلب معاناة حرب طويلة الأمد. وبينما يسعى المجتمع الدولي لفرض حلول سلمية، يبدو أن النخب العسكرية في البلاد تفضل استخدام القوة لتحقيق أهدافها، مما يزيد من تعقيد الوضع في السودان ويفاقم الأزمة الإنسانية.