أكدت مصر والسودان في بيانٍ مشترك بعد اجتماع وزيري الخارجية بدر عبد العاطي وعلي يوسف الشريف أن “تحقيق الأمن المائي يمثل قضية وجودية للبلدين” وأنهما “لن يتهاونا في هذا الأمر”، مشيرين إلى توافق تام بين مواقف البلدين فيما يتعلق بأزمة سد النهضة الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة إشارة إلى وحدة الموقف المصري السوداني أمام التحديات التي يفرضها سد النهضة على استقرار المنطقة وإمدادات المياه لدولتي المصب.
سد النهضة وأثره على الأمن المائي
بعد إعلان إثيوبيا اكتمال بناء سد النهضة بنسبة 100%، تزايدت المخاوف لدى مصر والسودان من أن السد قد يؤثر على تدفق مياه النيل إلى أراضيهما. ويعتمد البلدان على مياه النيل بنسبة كبيرة تتجاوز 90% من احتياجاتهما، وتعتبر مصر تحديداً هذه المياه حقاً تاريخياً ووجودياً. من جانبه، صرح رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أن السد لن يتسبب في ضرر لمصر والسودان وأنه سيعمل على تعزيز تدفق المياه في حال حدوث نقص جراء السد.
إلا أن مصر والسودان يطالبان بإطار قانوني ملزم يضمن التزام إثيوبيا بالحفاظ على حقوق الدول المصب، ويعتبران أن التصريحات الإثيوبية وحدها غير كافية. ويشدد البلدان على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يحمي مصالح جميع الأطراف ويمنع التوترات التي قد تنجم عن نقص المياه أو عدم الالتزام بتدفقات النيل المتفق عليها.
الموقف المصري
أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن مصر “لن تفرط في حقوقها التاريخية في مياه النيل” وأنها قادرة على حماية هذه الحقوق بكل الوسائل المتاحة. وقال مدبولي إن مصر بذلت جهوداً مستمرة على مدار السنوات للوصول إلى اتفاقية تحفظ حقوقها وتضمن عدم تضررها، إلا أن الجانب الإثيوبي لم يستجب، مما دفع مصر لرفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي. وصرح مدبولي بأن مصر تطالب بتحويل الوعود الإثيوبية إلى اتفاقات ملزمة قانونياً، حيث إن التصريحات وحدها ليست كافية لضمان حماية مصالح مصر والسودان المائية.
الموقف السوداني ودور مصر في دعم استقرار السودان
بجانب التحديات المتعلقة بسد النهضة، تواجه السودان أزمة داخلية مع تصاعد النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. ويواجه السودان تداعيات إنسانية جسيمة، حيث نزح الملايين من المدنيين، ويعيش عشرات الآلاف منهم كلاجئين في مصر. ووفقاً للبيانات الرسمية، تستضيف مصر أكثر من مليون و200 ألف سوداني ممن اضطروا إلى مغادرة بلادهم.
وخلال الاجتماع، شددت مصر على موقفها الداعم لاستقرار السودان وسيادته، مجددة دعوتها إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي شامل. كما استضافت مصر مؤتمراً للقوى المدنية والسياسية السودانية في يوليو الماضي، سعياً منها إلى المساهمة في تحقيق السلام في السودان. وأكدت مصر، خلال الاجتماع، على توفير كل أوجه الدعم الممكن للسودانيين المتواجدين على أراضيها، معربة عن استعدادها لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية.
خلاصة التصريحات المشتركة
يلخص الاجتماع بين وزيري الخارجية المصري والسوداني أهمية التعاون الإقليمي في مواجهة تحديات الأمن المائي والتوترات السياسية والأمنية في السودان. وتؤكد مصر والسودان على تطابق مواقفهما بشأن ضرورة التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة يحافظ على حقوق دول المصب ويضمن تدفقات المياه في ظل التغيرات المناخية والنمو السكاني المتزايد في المنطقة.