السودان بين عملتين: تبديل العملة يعمق الانقسام ويثير مخاوف التقسيم

2 Min Read

تبديل العملة وتحول السودان إلى “دولة بعملتين”

أصبح السودان عملياً “دولة واحدة بعملتين” بعد إعلان السلطات الحكومية، في 10 ديسمبر 2024، عن تبديل جزئي للعملات الوطنية، حيث أُلغيت صلاحية التداول للورقتين من فئتي “ألف جنيه” و”500 جنيه” بطبعتهما القديمة في 7 ولايات خاضعة لسيطرة الجيش. في المقابل، لم تتمكن الولايات الـ11 الأخرى التي تقع كلياً أو جزئياً تحت سيطرة قوات الدعم السريع من استبدال العملات القديمة، نتيجة غياب البنوك وتردي الأوضاع الأمنية والسياسية.

يعاني المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع من صعوبات هائلة تحول دون استبدال العملات القديمة، حيث لا توجد بنوك عاملة أو شبكات اتصالات مستقرة. وأعلنت الدعم السريع أن تداول العملات الجديدة محظور في مناطقها، ووصفت الإجراء الحكومي بأنه “مؤامرة لتقسيم البلاد” تقف خلفها “الحركة الإسلامية” المتحالفة مع الجيش.

المواطنون في ولايات “العملة القديمة” يخشون فقدان مدخراتهم مع اقتراب انتهاء مهلة استبدال العملة في 23 ديسمبر 2024. وفي مناطق سيطرة الجيش، اصطف المواطنون حول البنوك لإيداع عملاتهم القديمة، لكنهم لم يحصلوا على نقد بديل، بل أودعوا مدخراتهم في حساباتهم، مع فرض سقف سحب يومي لا يتجاوز 200 ألف جنيه (نحو 100 دولار).

يستحضر تبديل العملة ذكريات انفصال جنوب السودان عام 2011، عندما ظهر مصطلح “دولة واحدة بنظامين”، ما انتهى بدولتين غير مستقرتين. يخشى الخبراء أن يُمهِّد الوضع الحالي إلى تقسيم السودان إلى منطقتين: واحدة تخضع للجيش، وأخرى تسيطر عليها الدعم السريع. ويرى الخبراء أن تبديل العملة في ظل الحرب يحولها إلى أداة للصراع بين الأطراف، بينما يدفع المواطنون الثمن الأكبر بفقدان مدخراتهم وضعف قدرتهم على التنقل أو التبادل النقدي. وفي ظل الانقسام الجغرافي والمؤسسي، تتضاءل فرص إعادة توحيد النظام الاقتصادي، مما يجعل السيناريو الأسوأ – تقسيم البلاد – احتمالاً متزايداً.

خاتمة

في وقت يحتاج السودان إلى سياسات اقتصادية تقلل الانقسام وتعزز الوحدة الوطنية، يبرز قرار تبديل العملة كمحفز جديد للصراعات الداخلية. ومع استمرار الحرب وعدم وجود حلول سياسية أو اقتصادية شاملة، يبقى مستقبل البلاد غامضاً، وسط مخاوف متزايدة من أن يتحول السودان إلى “دولة بعملتين” على طريق التقسيم.

Share This Article