شهدت عدة ولايات سودانية موجة فيضانات واسعة النطاق اجتاحت منازل وأحياء سكنية وأراضي زراعية، شملت النيل الأزرق، سنار، الجزيرة، الخرطوم، نهر النيل، والشمالية، وسط تحذيرات رسمية من استمرار ارتفاع المناسيب خلال الأيام المقبلة.
أصدرت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الزراعة والري تنويهاً عاجلاً، دعت فيه المواطنين على ضفاف النيل إلى اتخاذ تدابير وقائية لحماية الأرواح والممتلكات، مشيرة إلى أن المناسيب لا تزال في حالة ارتفاع. وكشفت الإدارة عن تغييرات في تصريف عدد من السدود، من بينها الروصيرص وسنار وجبل أولياء وخشم القربة ومروي.
أوضح خبراء أن الفيضانات تعود في الأساس إلى الأمطار الغزيرة الناتجة عن التغيرات المناخية وظاهرة النينيو، فيما استبعد بعضهم وجود علاقة مباشرة بين سد النهضة والأوضاع الحالية. وأكد المهندس أبوبكر مصطفى أن امتلاء السد ساهم في التخفيف من حدة الفيضان، لكنه انتقد غياب التنسيق بين إثيوبيا والسودان.
في المقابل، أشار الدكتور عباس شراقي من جامعة القاهرة إلى أن سوء إدارة سد النهضة وعدم تشغيل التوربينات بكفاءة فاقم الأزمة، معتبراً أن تخزين المياه خلال موسم الأمطار أضاف عبئاً على السودان.
أدت الفيضانات إلى انهيار منازل وقطع طرق رئيسية في ولايتي نهر النيل والشمالية، فيما غمرت المياه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. وفي ولاية الجزيرة، تضرر أكثر من 1700 فدان من المزارع المنتجة للخضروات والفاكهة، بينما شهدت مناطق في سنار والنيل الأزرق أضراراً مماثلة.
أعلنت إدارات السدود، خاصة خزان سنار، تنفيذ عمليات تفريغ جزئي للبحيرات لتقليل الآثار، بينما أصدرت وحدة الإنذار المبكر بوزارة الري نشرات تحذيرية شملت ست ولايات. وأكدت السلطات أن الزيادة في المناسيب قد تستمر عدة أيام فقط قبل أن تعود إلى مستوياتها الطبيعية.
دعا خبراء إلى تحديث أنظمة الرصد والإنذار المبكر، ووقف التوسع العشوائي قرب مجاري الأنهار، إلى جانب تعزيز التعاون الإقليمي بين السودان وإثيوبيا ومصر في إدارة مياه النيل، بما يقلل من مخاطر الفيضانات في المستقبل.
ويشير مراقبون إلى أن السودان يواجه واحدة من أخطر موجات الفيضانات في السنوات الأخيرة، في ظل هشاشة البنية التحتية وصعوبة الاستجابة السريعة، ما يفرض تحديات إنسانية واقتصادية كبيرة على البلاد.