سجّل الجنيه السوداني أدنى مستوى له على الإطلاق في السوق الموازي، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3613 جنيهاً للبيع، مقارنة بـ560 جنيهاً ليلة اندلاع الحرب في أبريل 2023. هذا التدهور يعكس زيادة تجاوزت 545% خلال أقل من عامين ونصف، وسط مؤشرات على انهيار نقدي شامل.
بيانات السوق الموازي أظهرت مستويات قياسية للعملات الأجنبية، إذ بلغ سعر بيع الريال السعودي 963 جنيهاً، والدرهم الإماراتي 984 جنيهاً، واليورو 4250 جنيهاً، والجنيه الإسترليني 4882 جنيهاً، فيما ارتفع الجنيه المصري إلى نحو 75 جنيهاً.
أما أسعار الشراء فقد تراوحت بين 3550 جنيهاً للدولار، و946 جنيهاً للريال السعودي، و967 جنيهاً للدرهم الإماراتي.
تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في سبتمبر 2025 وصف الوضع بـ”الانهيار النقدي الشامل”، مؤكداً أن الجنيه فقد وظيفته الأساسية كأداة للتبادل والتسعير. وأشار التقرير إلى أن التضخم السنوي تجاوز 130%، فيما يعتمد أكثر من 80% من المعاملات اليومية على الدولار أو المقايضة، وسط تراجع الإنتاج المحلي وتفكك مؤسسات الدولة المالية.
يشهد السودان حالة انقسام نقدي غير مسبوقة. فبينما ترفض مناطق خاضعة للجيش تداول العملة الجديدة، تمنع قوات الدعم السريع التعامل بالأوراق القديمة، ما يعمّق الانفصال الاقتصادي ويزيد هشاشة النظام المالي في ظل غياب سلطة نقدية موحدة منذ توقف البنك المركزي عن أداء مهامه في مايو 2023.
أن السودان فقد السيطرة على أدواته النقدية مع توقف طباعة العملة وانهيار شبكة البنوك، إضافة إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي لمستويات غير قابلة للقياس. كما أشار التقرير إلى أن مكاتب الصرافة في دول الجوار، مثل مصر وتشاد، توقفت عن التعامل بالجنيه السوداني، ما زاد من عزلة العملة إقليمياً.
خبراء في Oxford Economics رجّحوا أن يتجاوز سعر صرف الدولار حاجز 5000 جنيه خلال العام المقبل إذا استمرت الحرب دون تسوية سياسية. وحذّر التقرير من تضخم مفرط قد يصل إلى أكثر من 200%، مع انهيار محتمل في أسعار الغذاء والدواء، وارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من 75% من السكان.
المراقبون يرون أن الجنيه السوداني بات مجرد وحدة حسابية فاقدة للقيمة الشرائية الحقيقية، في وقت تتجه فيه البلاد نحو اقتصاد يعتمد على الدولار والمقايضة. ويُتوقع أن يكون عام 2026 مفصلياً بين خيارين: إعادة بناء المؤسسات المالية أو انهيار كامل لا رجعة فيه.
