شهدت الأسواق السودانية اليوم تدهورًا حادًا في قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، في ظل موجة تقلبات متسارعة اعتبرها خبراء الاقتصاد مؤشرًا على دخول البلاد مرحلة “ما بعد العملة”. فقد تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز 3700 جنيه في السوق الموازي، مقابل 3650 جنيهًا للشراء، وهو ارتفاع يفوق 560% منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حين كان الدولار عند حدود 560 جنيهًا فقط.
جاءت هذه القفزة عقب تصريحات مثيرة للجدل لوزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، أشار فيها إلى أن “الطلب المتزايد على النقد الأجنبي وتوقف الصادرات بسبب الحرب” هما السببان الرئيسيان لتراجع الجنيه، متوقعًا وصول سعر الدولار إلى 10,000 جنيه، لكنه أكد أن “الاقتصاد لم يصل بعد إلى مرحلة الانهيار”.
التصريحات أثارت موجة من القلق في السوق، حيث اندفع المتعاملون إلى شراء العملات الأجنبية تحسبًا لموجة تضخمية جديدة، مما أدى إلى اشتعال أسعار الصرف في السوق الموازي.
في ظل غياب تدخل فعّال من البنك المركزي، أصبح السوق الموازي المرجع الحقيقي لتسعير العملات. وسجلت الأسعار اليوم:
- الدولار الأمريكي: 3700 جنيه
- الريال السعودي: 986.66 جنيه
- الدرهم الإماراتي: 1008.17 جنيه
- اليورو: 4302.32 جنيه
- الجنيه الإسترليني: 4933.33 جنيه
- الدينار الكويتي: 11774.19 جنيه
أما في البنوك التجارية، فقد بقيت الأسعار الرسمية أقل بكثير، ما زاد من الفجوة بين السوقين وأضعف الثقة في الجهاز المصرفي.
تقرير صندوق النقد الدولي الصادر منتصف أكتوبر الجاري وصف الوضع الاقتصادي في السودان بأنه “انكماش مزدوج”، مع توقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 40%. كما أشار التقرير إلى انخفاض التحويلات الخارجية بنسبة 70%، ما أدى إلى نقص السيولة الأجنبية وتراجع قدرة البنوك على تمويل التجارة أو الاستيراد.
من جهته، أكد البنك الدولي أن الجنيه السوداني فقد دوره كأداة تسعير وتبادل، ليصبح السوق الموازي المصدر الوحيد للعملات الأجنبية.
يتوقع محللون اقتصاديون أن يتجاوز الدولار 5000 جنيه خلال الأشهر القادمة إذا استمرت الحرب وعدم الاستقرار السياسي، فيما قد يصل إلى 10,000 جنيه كما لمح وزير المالية. ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى تحول السودان إلى اقتصاد بلا عملة، يعتمد فيه المواطنون على التعامل بالدولار والريال والدرهم في حياتهم اليومية.

