الإثنين, سبتمبر 16, 2024
الرئيسيةالرأيقائد الانقلاب يساوم اليانكي

قائد الانقلاب يساوم اليانكي

علي سانتينو

نقلت الصحفية الغامضة مها التلب عن صحيفة (الشرق) أن الخارجية الأمريكية اعترفت بعبد الفتاح البرهان رئيساً لمجلس السيادة. إلا أن هذا التقرير يبدو بعيداً عن واقع مجلس السيادة الذي أنشأته الوثيقة الدستورية من الأساس. لا أستطيع تحديد مصدر الكذب في هذا الخبر، هل هو من مها التلب أم من الخارجية الأمريكية التي تحاول إقناع البرهان بالانتقال من معسكر الإسلاميين إلى مسار المفاوضات. يبدو أن الحديث بأسره يشير إلى مساعٍ للوصول إلى جنيف لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية. في سويسرا، يسعى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى تحويل النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى تسويات تنهي الحرب في السودان، وهو ما يخدم الأجندة الأمريكية دون أن يخدم بناء دولة سودانية بأسس جديدة.

إذا كان اعتراف أمريكا بالبرهان رئيساً لمجلس السيادة صحيحاً كما نقلت التلب، فإنه يبقى وجهة نظر أمريكية لا تعكس بالضرورة وجهات نظر الأطراف المتصارعة، خاصةً القوى الثورية التي انقلب عليها البرهان في 25 أكتوبر وقوض شرعيتها الثورية. لا تزال القوى الثورية تعتبر البرهان انقلابياً لا يملك الحق في التفاوض باسم الحكومة السودانية. البرهان سيذهب إلى المفاوضات كقائد لجيش الفلول الذي أشعل الحرب وزاد الفساد، وليس كرئيس لمجلس السيادة.

التفاوض الذي دعت إليه الخارجية الأمريكية يظل مفاوضات ثنائية بين قوات عسكرية متحاربة، وفقاً لما صرح به مسؤول أمريكي. منذ بدء القتال، أعلنت قوات الدعم السريع رسمياً عدم اعترافها بالبرهان كرئيس لمجلس السيادة، معتبرةً أن وجود مجلس السيادة بعد الحرب هو ادعاء باطل ولا سند له من الشرعية الدستورية. لذلك، يظل البرهان قائد جيش الكيزان، سواء داخل أو خارج طاولة التفاوض.

معادلة الحرب في السودان لم تتغير كثيراً بقدر ما يتغير الموقف الدولي وفقاً للمعطيات الأمريكية. في المقابل، ظل موقف قوات الدعم السريع تجاه قائد الجيش ثابتاً، حيث تعتبره انقلابياً خائناً للوثيقة الدستورية وموقفاً ضد التحول المدني الديمقراطي الذي يطمح إليه السودانيون بعد ثورة ديسمبر.

المصادر الصحفية التي تتبنى الولاء الفكري والجهوي لنظام الفلول، مهما كانت أهميتها، تظل مصادر متحيزة تفتقر للموضوعية والمهنية. مها التلب وغيرها من الصحفيين الذين يحاولون تقديم البرهان كرئيس شرعي طوال فترة الحرب، يعبرون في النهاية عن سياسات النظام الحاكم منذ فجر الاستقلال. لن يغير انحيازهم ميزان الحرب الدائرة ما لم تتواضع مراكز القرار الإعلامي التي تروج للاستبداد في السودان على مر التاريخ.

قائد الجيش سيذهب إلى جنيف صاغراً، حتى وإن ألبسته الخارجية الأمريكية جلباب مجلس السيادة. الحقيقة المرّة أن القوى الوطنية، إلى جانب قوات الدعم السريع، لا تعترف بالبرهان رئيساً للدولة مهما كانت الإغراءات والضغوط التي تقدمها الإدارة الأمريكية لهذا الجنرال للوصول إلى جنيف وكتابة اتفاق وقف إطلاق النار الذي يفتح المجال للعملية السياسية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات