العطا والتوقيت الخطأ

3 Min Read

إيهاب مادبو

كلما كانت هناك بارقة أمل للسودانيين حول إيقاف الحرب وإنهاء معاناتهم، جاءت تصريحات ياسر العطا مثبطة للآمال ومحبطة حول صيرورة الحرب وانعكاساتها الكارثية على حياة الملايين من السودانيين الذين يرزحون تحت خطوط المعاناة والمأساة.

تفاعلت جموع السودانيين مع مباحثات جنيف، باعتبارها فرصة تشجع الطرفين على ضرورة الوصول إلى وقف إطلاق النار وهدنة طويلة الأمد للأغراض الإنسانية، بما يضمن انسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين وحماية المدنيين بمناطق النزاع.

وفي الوقت الحالي، تثير تصريحات ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي، جدلاً واسعاً وتثير المخاوف من تفاقم الوضع السياسي والأمني في البلاد. يركز الجدل حول استراتيجياته الإعلامية وطموحاته الشخصية والسياسية، مما يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها السودان في سعيه نحو الاستقرار والتقدم.

تعكس تصريحات العطا تحولاً في الخطاب السياسي والدبلوماسي السوداني، حيث يتناول قضايا تقسيم البلاد وتصعيد الفوضى، مما يثير مخاوف من تقويض الوحدة الوطنية وزعزعة الاستقرار. يأتي هذا في ظل تحديات كبيرة تواجه السودان، بينها الحاجة إلى تحقيق التوافق والتضامن الوطني لإيقاف الحرب وللتغلب على الأزمات المستمرة.

تستند استراتيجيات ياسر العطا على زعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة داخل البلاد، من خلال تقديم تصريحات تهدف إلى تفاقم الانقسامات وزعزعة الوحدة الوطنية. هذا ينعكس سلباً على الوضع السياسي والاجتماعي، مما يجعل التعاون والتوافق بين الأطراف المعنية أمراً حيوياً لتجنب التدهور الأمني والسياسي.

وتدلل تصريحات العطا على وجود خلافات داخل القيادة العليا للجيش، ما قد ينذر بتداعيات على وحدة القرار العسكري. تدور هذه الخلافات حول أمرين، أحدهما متعلق بالعمليات العسكرية والآخر متصل بالمسار السلمي لمناقشة أجندة الحرب حول طاولة المفاوضات.

تأتي تصريحات العطا متسقة تماماً مع مخاوف الإسلاميين من إنهاء أزمة الحرب التي أشعلوا نارها بالسودان، وهو الموقف الرسمي لجماعة الإسلام السياسي من سياقات الحرب وخطابها. ساهم ذلك في تمكنهم من السيطرة على الجيش واختطاف القرار السياسي والعسكري.

يرفض الإسلاميون مبدئياً استئناف عملية التفاوض بتهديد قيادات الجيش التي أصبحت تتخوف من تحولات الحرب العبثية وتداخلاتها بعد سيطرة الإسلاميين على المؤسسة العسكرية واستخدامها في حربهم السياسية. جاءت هذه الحرب في الأساس انتقاماً من ثورة ديسمبر، كهدف استراتيجي يقطع الطريق على تطلعات السودانيين في التحرر والانعتاق.

والسؤال الموضوعي هو: هل تؤثر تصريحات ياسر العطا على سير مباحثات جنيف، التي ربما تفضي إلى هدنة طويلة الأمد وتعمل على تهيئة مناخات الحوار المباشر بما يفضي إلى استئناف منبر جدة؟

الإجابة على السؤال قطعياً بالنفي. هذا مستوحى من جدية المجتمع الدولي هذه المرة في مناقشة قضية الحرب في السودان بصورة أكثر فاعلية مما سبق، وتؤكده كذلك مداولات أعضاء مجلس الأمن الذين أشادوا بمباحثات جنيف بين الطرفين حول المسألة الإنسانية.

من الواضح وتأكيداً لفرضية الإجابة، قد يحدث انقسام حول الموقف من الحرب بين الإسلاميين والجيش بما يفضي إلى “طلاق” بائن بينونة كبرى. هذا الأمر ستكون فاتورته مثقلة بالجراحات، إلا أنه قد يكون روشتة لتعافي الوطن.

Share This Article