الأربعاء, نوفمبر 6, 2024
الرئيسيةالرأيالحركية سناء حمد العوض: ايحاءات كيزانية ام سباحة ضد التيار!

الحركية سناء حمد العوض: ايحاءات كيزانية ام سباحة ضد التيار!

د. أحمد أبورمزي يكتب!


من الواضح للمتابعين لأحداث حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، كأحدث تجليات ديناميات الامتياز التاريخي كقاعدة معيارية تأسست عليها الصراع حول السلطة والثروة في السودان، أن المقابلات الإعلامية المتكررة للناشطة سناء حمدالعوض واختياراتها الزمنية المدروسة بعناية، وتصريحاتها المتكررة، أصبحت تجذب انتباه الناس وتشغلهم أكثر من تصريحات البرهان، كباشي، وغيرهم في سلسلة هرم السلطة العسكرية التي شكلت بفعل انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١. وبدأت تصريحات سناء تكتسب زخماً جماهيرياً متصاعداً نتيجة لتحقيقاتها مع كبار ضباط الجهاز العسكري وهم في مرحلة الشهادة بعد سقوط نظام البشير بواسطة اللجنة الأمنية الأولى برئاسة الجنرال بن عوف، والتي لم يكن أي من أعضائها آنذاك من قادة المجلس السيادي الحاكم الحالي إلا الجنرال حميدتي كعضو عادي كبقية الأعضاء. وسأل الناس ببلاهة كبيرة: من أين لهذه الشابة الناشطة كل هذا النفوذ الكبير داخل الحركة الإسلامية، والقوة التي تمكنها من التحقيق مع كبار الجنرالات وأياديهم في المحكمة؟

لأولئك الذين لا يعرفون، نقول إن الناشطة سناء حمدالعوض، عضو في الحركة الإسلامية منذ زمن طويل، تتمتع بقدر كبير من الذكاء والحضور الاجتماعي القوي، وكاريزما قيادية لا يخفيها أي من تعامل معها في مسيرة التنظيم الإسلامي. لغتها اللينة والقوية في النقاش، وفوق ذلك كله، فهي مغامرة وبراقماتية من الطراز الأول، لا تتردد في المخاطرة إذا شعرت أن ذلك سيسهم في تقدمها في سلم التنظيم. وتعتبر سناء جزءًا من عائلتها، وبنتاً للحركة الإسلامية بالميلاد والنشأة والامتياز التاريخي. فقد جاءت إلى الحركة الإسلامية من عائلة عميقة الجذور في النشاط الحركي، حيث كان والدها الأستاذ حمدالعوض، رحمه الله، من أوائل الإسلاميين الذين استدعوا من الغربة، وهو تربوي متخصص، بهدف تزويد نظام الإنقاذ في بداياته بكوادر مختارة لتجاوز المرحلة الحرجة. ولكنه توفي سريعًا إلى رحمته، ولكن بعد أن وضع الطريق لابنته التي يقال إنها تشبهه في العديد من التفاصيل، خاصة تلك المتعلقة بالحركة الإسلامية وأنشطتها وعلاقاتها المعقدة، والمفارقة أن شقيقتها الصغرى لم تتورط بالعمل التنظيمي. ودرست سناء في جامعة الخرطوم في أوائل التسعينات وتخرجت من قسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد. ويبدو أن النفوذ التنظيمي لوالدها، إضافة إلى قدراتها الذاتية في التنظيم والتأمين والإعلام، قد أمن لها مكانة مرموقة تتزايد مع مرور الوقت ونجاحها في المهام المسندة إليها بنجاح. وعلى الرغم من مظهرها العادي وسمتها الهادئ في الظهور الإعلامي، إلا أنها تعد من أشد الشخصيات حزمًا في تنظيم الحركة الإسلامية، ومن القليلات اللواتي تختار العمل الأمني والعسكري بدرجة غير متوقعة! فقد وثقت كاميرات برنامج في ساحات الفداء، ظهورا واضحاً للحركية سناء وهي تمتشق سلاح كلاشنكوف بين القوات المسلحة في الخطوط الامامية لجبهات القتال في النيل الأزرق وجنوب السودان، وكانت ضمن كتائب الظل التي تزور معسكرات الخدمة الالزامية والمجاهدين بغرض التعبئة والاستنفار، وجمع المعلومات وتحليلها عن الكوادر المستقبلية.

والحركية سناء هي الوحيدة ضمن خلية خاصة اوكل لها متابعة العمل العسكري داخل القوات المسلحة لمصلحة الحركة الاسلامية. وهي خلية تجمع في عضويتها ضباطا عظام، برتب رفيعة وعسكرتاريا مدنية نافذة في مجال العمل العسكري. ويقع ضمن اختصاصات اللجنة : الاستيعاب للكلية الحربية، والتدريب الداخلي والخارجي، والترقيات للرتب العسكرية والمواقع الإدارية الموازية، واختيار الضباط ذوي الولاء الحركي للملحقيات العسكرية الخارجية، بل يشمل نطاق تفويضها حتى التوصية بالإجراءات السنوية التي تطال بعض الرتب في القوات المسلحة بصورة راتبة. ولما كانت تتمتع بعلاقات واسعة بالقيادات النافذة في الحركة الاسلامية د. الترابي، علي عثمان، الزبير احمد الحسن، علي كرتي، وبكري حسن صالح، كانت مهابة الجانب لدى اعضاء اللجنة، بل لدى الرتب الكبيرة من ضباط القوات المسلحة، وضباط جهاز المخابرات وجهاز الأمن الشعبي! وبالتالي لم يكن بالنسبة لنا مفاجئا تصريحها الداوي عن تكليفها من قبل المرحوم الزبير أحمد الحسن الأمين العام للحركة الاسلامية، للتحري مع كبار القادة في اللجنة الامنية، وهو مثار استغراب الناس! امتلأت الاسافير الاسبوع الماضي بمقال كتبته الحركية سناء حمدالعوض، نادت فيه بضرورة مراجعات فكرية ووقفات محاسبة ذاتية، كان الابرز فيها تغليب القومي على الذاتي الحركة، والاعتراف الضمني بأرتكاب بعض التجاوزات، والتسامح الخجول تجاه الاخريين من أعداء الأمس.

وقد احتفى الكثيرون من المتابعين بتلك التطورات في تفكير الحركية سناء، ولكني كنت من المشككين في ذلك، حتى نسفت سناء على مدار ربع ساعة كل ما كتبته عن المراجعات والتسامح، وتغليب المصلحة القومية على المصالح الانكفائية للتنظيم الإسلامي! ورغم ذكاءها المعروف لدينا، إلا أنه لم يسعفها هذه المرة في الردود على مذيع الجزيزة أحمد طه، الذي حاصرها بأسئلة يبدو أنها لم تكن تتوقعها اصلاً !! فمن حيث لاتدري اقرت ضمناً انهم هم كتنظيم، المسيرون لأمر هذه الحرب بكل تفاصيلها والمسيطرون على متغيراتها من التعبئة والقتال والتسليح والاستنفار والتدريب، وأن قيادة الجيش ماهي إلا بيدق بأيديهم يتصرفون فيها كيف يشاؤون كتنظيم وليس كمؤسسة عسكرية مستقلة. وما يؤكد أن قيادات العسكر يقبعون تحت القيود الكاملة للحركة الاسلامية قولها أن وقف الحرب هو: “امر رباني، وأن جنحو للسلم فأجنح لها وتوكل على الله”، وكأن الآية قد أنزلت في لحظتها، والاستنتاج الضمني من كلام الحركة سناء حمدالعوض، هو: “أن قبولهم كحركة إسلامية بالجلوس مع قائد الدعم السريع، لوقف الحرب، سوف يوقف الحرب” وأنهم “لن يتفاوضوا مع تقدم بأعتبار انها منحت الشرعية للدعم السريع بخوض الحرب”، وهذا عين ما ردده قادة القوات المسلحة، البرهان وكباشي خلال الأسبوع الماضي! وكما ذكرنا سابقا، فالحركية سناء لم تتحدث جزافا، بل لازالت ضمن “اللجنة الامنية/العسكرية” التي تدير الحرب الان من خلف الكواليس، وأن الذي صرحت به هو تنتوي هذه اللجنة على فعله نيابة عن قيادة الحركة الاسلامية في مقبل الايام ان استطاعت اقناع الدعم السريع بذلك! ولكن السؤال الذي لم تكن تتوقعه سناء هي قولها: “سوف نفعل ذلك أن رضي الشعب السوداني بذلك”!!! وهذا خبث، جبلت عليه وتجيده ولكن هذه المرة بغاء تحسد عليه، وهو اختطافها للسان الشعب، وبالتالي استهدافها للثورة باكرا، حتى قبل جلوسهم المتوقع مع الدعم السريع للاستسلام. في نظري والقبول بأقل الخسائر وهي عدم محاكمتهم وافلاتهم من العقاب!! فهل ياترى يعتبر ظهور وتصريح سناء حمد للمزيع أحمد طه، هو ايحاء لاستنطاق العدو ومعرفة اتجاهاته ثم التعامل معها، سيما وان قنوات التواصل بين الدعم السريع والحركة الاسلامية قد باتت شبه مغلقة، ام ان الامر سباحة ضد تيار حقائق الأداء العسكري للجانبين في أرض المعركة، وهو يرجح الكفة لصالح قوات الدعم السريع!!! نقول ان الامر يحتمل الاثنين معا، فخيار الجلوس الي حميدتي للتفاوض وانهاء الحرب هو: الخيار المر، والسم النقوع الذي تتجرعه الحركة الاسلامية مكرهة عليه، ويضعها في مأزق أخلاقي حامض المذاق إزاء سردينها التضليلية التي تبنتها في توصيف الحرب “حرب الكرامة” ضد أعداء الامة والدين من عربان الشتات والخونة، ومآلاتها غير المتوقعه اصلا بالنسبة لهم. وهذا خيار تجرعه الخميني من قبل أمام الرئيس العراقي صدام حسين، وهو خيار انتحاري من الدرجة الأولى. ولكن سناء تدع الدعم السريع الي صفقة جديدة لقمع الثورة ودفنها وانتهاء العزاء عن مقابر توقيع الاتفاق! والسؤال هل يقبل الدعم السريع بذلك؟ او أن يكون تصريح سناء هو سباحة ضد التيار العام واستباقا لما قد تتمخض عنه المعارك العسكرية في أرض الواقع.

وهنا سوف تظهر الحركة الاسلامية قيادتنا للجيش دون مواربة ولكن بإختفاء الضباط الذين هم سدة القيادة الان، والاتيان بضباط أكثر مكراً ودهاء، لانقاذ التنظيم الاسلامي من مصيره المحترم، الي حين التقاط أنفاسه مرة أخرى، فقادة الحركة الاسلامية وتنظيمهم ينطون علي قدر كبير من الغدر بالخصوم، وعدم الايفاء بالعقود والمواثيق، ولا يأتون الي مائدة تفاوض إلا وهم صاغرون، فمصير الشعب لم يكن ضمن اولوياهم في يوم من الايام، فيجب أن يؤخذ ما قالته الحركية سناء حمدالعوض مأخذ حذر، فطالما لا تزال الحركة الاسلامية تعادي الشعب في استهداف منظوماته الحية مثل “تقدم”، فمعني هذا انها تنتوي “مد يد التعاون” مع تقدم من خلف تدبير ماكر وابتزاز واضح تستهدف به تغيير موقف “تقدم” المصادم بقوة لاطروحاتها حتى الان، والاصرار على اقصائها في كل ميادين التفاوض. وإذ تظهر الحركة الاسلامية ذلك من منطلق الظهور بمظهر القوي، إلا اننا نعتقد انها في أضعف حالتها، وهي تحاول مغازلة قائد الدعم السريع، وهو في اوج زهوه وعنفوان قواته وانتصاراتها في أرض المعركة! فالحركة الاسلامية حسب معرفتنا بها، لاتجنح للتفاوض مع الضعفاء بتاتاً، ولكنها فقط تفاوض من يظهر انه أكثر قوة وتنظيماً، ويمثل تهديد حقيقي لوجودها الماثل، فعلت ذلك مع الزعيم جون قرنق حتى تخلصت منه، وتحاول الان تكراره مع القائد حميدتي، ريثما تكسب المزيد من الزمن وتلتقط الانفاس، قبل الانقضاض الاخير عليه، فهل يستجيب قائد الدعم السريع، ويبلع الطعم؟

نتابع ونرصد، ونترصد مع الاخذ في الاعتبار ان: الليالي من الايام حبالى: يلدن كل جديد!

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات