أطلقت منظمات حقوقية ومجتمعية، بالإضافة إلى أجسام مهنية ونقابية وأحزاب سياسية ومجموعات نسوية، حملة وطنية تهدف إلى تمديد ولاية البعثة الدولية لتقصي الحقائق في السودان.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أقر في أكتوبر 2023 إنشاء هذه البعثة للتحقيق في الانتهاكات الواسعة التي يُتهم طرفا النزاع في السودان بارتكابها منذ اندلاع القتال قبل أكثر من عام.
تأتي هذه البعثة لتوجيه رسالة إلى الأطراف المتحاربة مفادها أن انتهاكاتهم ستخضع للمتابعة وسيواجهون العواقب. تتوافق هذه الخطوة مع مطالب 120 منظمة مجتمع مدني، وتتمثل مهام البعثة في التحقيق في الانتهاكات، وجمع الأدلة والحفاظ عليها، وتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم.
وفي يوليو الماضي، أعلنت البعثة أنها وثقت أنماطًا خطيرة من الجرائم التي تعرض لها السودانيون قبل فرارهم إلى تشاد، وشملت تلك الجرائم انتهاكات جسيمة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والأطباء.
وأكدت البعثة أنها أجرت مقابلات مع لاجئين قدموا شهادات مباشرة وتفصيلية حول العنف الوحشي الذي تعرضوا له، مما دفعهم للنزوح، مثل القتل، والعنف الجنسي بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، والاحتجاز، والتعذيب، والاختفاء القسري، والنهب، وحرق المنازل، واستخدام الأطفال في القتال.
ومن المقرر أن تقدم البعثة تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بنهاية ولايتها خلال الجلسة الـ57 في سبتمبر الجاري.
وصرح عضو المكتب التنفيذي لمحامي الطوارئ، محمد صلاح الدين، بأن الهدف من الحملة هو حث المجتمع الدولي والإقليمي على تمديد ولاية البعثة خلال دورة مجلس حقوق الإنسان التي تُعقد في 9 سبتمبر الجاري.
وأضاف صلاح الدين، مستندًا إلى معلومات من داخل مجلس حقوق الإنسان، أن هناك جهودًا مكثفة لحشد الدعم لقرار تمديد عمل البعثة لمدة عام آخر. كما أشار إلى أن الحملة أرسلت خطابات إلى بعثات الدول المشاركة في الدورة الحالية، وعددها 47 دولة، بما في ذلك بعثة السودان.
وتابع صلاح الدين بأن الحملة لاقت تجاوبًا واسعًا من مختلف القطاعات، مشيرًا إلى أنه سيتم عقد ندوات في القاهرة وكمبالا بمشاركة الجهات الوطنية الموقعة على الحملة خلال الأيام القادمة. وأوضح أن عدد الموقعين على البيان المشترك للحملة بلغ 64 جهة منذ انطلاقها في بداية سبتمبر.
في السياق ذاته، أكد بيان الحملة أن القوات المسلحة والدعم السريع لا يُظهران اهتمامًا بحماية المدنيين، وهما غير مستعدين للتحقيق بجدية في الانتهاكات المرتكبة.
وشدد البيان على أن كلا الطرفين يستخدمان وسائل الإعلام للتضليل وإخفاء الجرائم التي ارتكباها وإنكارها.
وأشار البيان إلى أن استمرار النزاع يضع تحديات كبيرة أمام المجتمع الدولي للالتزام بمسؤوليته الأخلاقية، والتي تتطلب محاسبة المسؤولين عن الجرائم واسعة النطاق التي يرتكبها الطرفان.
كما أوضح البيان أن البعثة لم تتمكن بعد من التحقيق في جميع الجرائم المرتكبة، مع تزايد الصعوبات في رصد وتوثيق الانتهاكات المستمرة، وتوفير الفرصة للضحايا للتحدث عن معاناتهم.
واختتم البيان بالتأكيد على ضرورة تمديد ولاية البعثة الدولية لتقصي الحقائق وتقديم الدعم الفني واللوجستي الكامل لها. ودعا إلى التحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وضمان الحفاظ على الأدلة لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم.
كما أكد البيان أن تشكيل البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق كان خطوة ضرورية طال انتظارها للتحقيق في الانتهاكات المرتبطة بالنزاع الذي بدأ في أبريل 2023، والذي أسفر عن آلاف القتلى والمصابين، وأكثر من 10 ملايين نازح، بالإضافة إلى مليوني لاجئ.
وأشار إلى أن المجاعة تهدد أكثر من 25 مليون سوداني، إلى جانب الانتهاكات الجنسية وتجنيد الأطفال من قبل الطرفين.