قوة أمنية تقتحم قرى جنوب أم درمان واحتجاجات شعبية تندلع في الجموعية

4 Min Read

في تطور أمني جديد يزيد من حالة التوتر في محيط العاصمة السودانية، اقتحمت قوة أمنية مدججة بالأسلحة الثقيلة قرية “إيد الحد” التابعة لمنطقة الجموعية جنوب مدينة أم درمان، ونفذت عمليات تفتيش واسعة داخل المنازل، قبل أن تعتقل أحد المواطنين ويدعى عبد الرسول رحمة الله.

التحرك المفاجئ أثار حالة من الذعر والاستياء بين الأهالي، الذين خرجوا في مجموعات بعد انتهاء المداهمة للبحث عن المعتقل. ووفق مصادر محلية، تمكن عدد من المواطنين من استعادة المعتقل من قبضة القوة الأمنية وإعادته إلى منزله، في حادثة تعكس احتقانًا متزايدًا بين السكان والقوات الحكومية في المنطقة.

أصدر المتحدث باسم الجموعية، سيف الدين أحمد شريف، بيانًا رسميًا، أكد فيه أن القوة الأمنية وصلت إلى قرية “إيد الحد” وهي “مدججة بأسلحة ثقيلة”، واقتحمت منازل دون أي تفويض قانوني.

وأوضح شريف أن اعتقال المواطن عبد الرسول تم “دون مسوغ قانوني أو توجيه تهمة واضحة”، واصفًا ما جرى بأنه “انتهاك صارخ لحقوق المواطنين واعتداء على حرمة المساكن”.
وأضاف أن تدخل الأهالي جاء نتيجة شعورهم بالخطر المتزايد ورفضهم للتصرفات التعسفية التي تُمارس بحقهم في ظل غياب الرقابة والمساءلة، مؤكدًا أن الحادثة تعكس فقدان الثقة في الأجهزة الأمنية التي باتت تُنظر إليها كطرف مهدد للأمن بدل أن تكون حامية له.

في أعقاب الحادثة، أعلن سكان قرى الجموعية رفضهم القاطع لأي وجود أمني داخل مناطقهم، مؤكدين في بيان جماعي أنهم “لن يتهاونوا مع أي جهة تتجاهل هذا التحذير”.
وجاء في البيان:

“من لم يضع هذا التحذير نصب عينيه فلا يلومن إلا نفسه، فنحن قادرون على حماية المواطنين وصدّ أي عدوان.”

هذا التصعيد الشعبي يعكس تنامي الشعور بالغضب والاحتقان بين الأهالي الذين يرون أن الانتهاكات الأمنية المتكررة تهدد أمنهم وكرامتهم، في وقت تعاني فيه المنطقة من انفلات أمني مزمن بسبب نشاط مجموعات مسلحة تتحرك بحرية في القرى الجنوبية.

تشير تقارير محلية إلى أن قرى الجموعية كانت قد شهدت خلال شهري مارس ومايو من العام الجاري سلسلة هجمات نفذتها قوات الدعم السريع، خلّفت خسائر بشرية ومادية كبيرة، ودَفعت مئات الشباب إلى حمل السلاح للدفاع عن أسرهم وممتلكاتهم.
وأثار حينها تقاعس الجيش السوداني عن التدخل لحماية المدنيين موجة انتقادات حادة، قبل أن تنتشر وحدات عسكرية في مايو الماضي أعادت بعض الهدوء النسبي إلى المنطقة.

غير أن هذا الهدوء لم يستمر طويلًا، إذ عادت التوترات مجددًا مع تصاعد نشاط المجموعات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد الفوضى والانفلات الأمني التي عاشتها القرى الجنوبية خلال العامين الماضيين.

خلال اليومين الماضيين، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات متزايدة للاحتشاد الشعبي داخل قرى الجموعية احتجاجًا على تدهور الوضع الأمني، حيث دعا ناشطون إلى مظاهرات سلمية للمطالبة بحماية القرى من “تجاوزات القوات الأمنية والمجموعات المسلحة”.
في المقابل، دعا زعماء محليون وشخصيات أهلية إلى التهدئة وفتح قنوات اتصال مباشرة مع الشرطة والإدارة الأهلية لمعالجة الأزمة بالحوار ومنع انزلاق الأوضاع نحو مزيد من المواجهات.

يبقى المشهد في جنوب أم درمان مفتوحًا على احتمالات متعددة، بين تصعيد شعبي متزايد ومخاوف من تدخلات أمنية جديدة في ظل غياب خطة واضحة لضبط الأوضاع.
ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة في الجموعية تعكس هشاشة الوضع الأمني في العاصمة السودانية ومحيطها الريفي، حيث يتداخل الصراع بين القوى النظامية والمجموعات المسلحة مع احتقان اجتماعي متصاعد يهدد بجر المنطقة إلى دائرة جديدة من العنف.

Share This Article