تشير التطورات الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة تدرس بجدية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وهو قرار إذا ما تم اعتماده، فسوف يحمل انعكاسات عميقة على الكيانات المرتبطة بالتنظيم عالمياً، وعلى رأسها حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السودان، اللذان يُعتبران جزءاً من هذه الشبكة الفكرية والسياسية.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في تصريحات إذاعية إن هناك مراجعات جارية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، موضحاً أن العملية تتطلب إجراءات قانونية دقيقة لضمان صمود القرار أمام الطعون القضائية. وأكد أن تعدد فروع الإخوان واختلاف أنشطتها يفرض دراسة كل فرع على حدة وجمع أدلة قوية تسمح بفرض التصنيف بشكل مستقر.
من جانبه، دفع السيناتور تيد كروز بمشروع قانون تحت مسمى Muslim Brotherhood Terrorist Designation Act of 2025، مؤكداً أن الإخوان منظمة إرهابية تدعم فروعاً مصنفة بالفعل، مثل حركة حماس التي ارتكبت في 7 أكتوبر أسوأ مجزرة ضد اليهود منذ عقود. وأضاف كروز أن الجماعة تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي الأمريكي، وأن الوقت قد حان لاتخاذ قرار حاسم بشأن التصنيف.
من الناحية المباشرة، سيؤدي هذا القرار – إذا تم – إلى فرض عقوبات مالية صارمة، تشمل تجميد الأصول والحسابات المصرفية التابعة لقيادات الحزب والحركة في الخارج، وحظر أي تعاملات مالية أو تجارية معهما من قبل البنوك والمؤسسات الدولية. كما ستطال التداعيات قيادات بارزة عبر فرض حظر سفر دولي ومنعهم من دخول الولايات المتحدة أو التعامل مع أي جهات مرتبطة بها، إلى جانب تجريم أي دعم خارجي، ما سيحد من قدرتهم على إيجاد داعمين دوليين أو إقليميين.
على الصعيد السياسي الداخلي، سيؤدي التصنيف إلى إضعاف النفوذ السياسي للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ويقوض شرعيتهما أمام الرأي العام المحلي والخارجي، كما قد يتسبب في انقسامات داخلية نتيجة خشية بعض الأعضاء من الملاحقة والعقوبات. أما إقليمياً، فقد يدفع القرار عدداً من الدول الحليفة لواشنطن إلى اتخاذ إجراءات مماثلة، مما يوسع دائرة العزلة، ويجبر بعض الداعمين على إعادة النظر في علاقاتهم مع هذه الكيانات لتجنب الضغوط الأمريكية.
أمنياً، من المتوقع أن تركز الولايات المتحدة وحلفاؤها على استهداف الشبكات المالية السرية التي يعتمد عليها الحزب والحركة، وتعزيز المراقبة الاستخباراتية لتحركات قياداتهما وعلاقاتهما الخارجية. هذا إلى جانب احتمالية ملاحقة الشركات الواجهة والاستثمارات التي تُستخدم كغطاء للتمويل.
في المجمل، فإن تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة سيكون بمثابة ضربة استراتيجية للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السودان، ليس فقط عبر تجفيف منابع التمويل وعزلهم دبلوماسياً، بل أيضاً من خلال إعادة تشكيل المشهد السياسي الداخلي وتقليص قدرتهم على العمل الإقليمي والدولي، وهو ما يتقاطع مع المساعي التشريعية في الكونغرس والجهود التنفيذية التي أكدها كل من روبيو وكروز، ليشكلا معاً ضغطاً سياسياً وقانونياً متصاعداً قد يغير قواعد اللعبة بالنسبة لهذه الكيانات.