إلغاء اجتماع الرباعية حول السودان يثير صدمة واسعة ومخاوف من تراجع الزخم الدولي

4 Min Read

في خطوة مفاجئة أثارت تساؤلات وقلقًا واسعًا في الأوساط السودانية، ألغت وزارة الخارجية الأميركية اجتماع “الرباعية” بشأن السودان، والذي كان من المقرر عقده الأربعاء 30 يوليو 2025، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر، دون إعلان رسمي عن الأسباب أو تحديد موعد بديل.

ورغم التحضيرات المكثفة خلال الأسابيع الماضية، التي شملت إعداد بيان مشترك ودعوات موسعة، أكدت مصادر في الخارجية الأميركية أن الاجتماع أُلغي، فيما أشار السفير المصري في واشنطن، معتز زهران، إلى احتمالية تأجيله إلى سبتمبر المقبل، في ظل استمرار الاهتمام الإقليمي والدولي بمتابعة التطورات في السودان.


كانت الخارجية الأميركية قد وضعت أهدافًا واضحة للاجتماع، من أبرزها:

إطلاق عملية سياسية شاملة بين أطراف النزاع.

وقف التدخلات الخارجية.

تأكيد وحدة وسيادة السودان.

الضغط لإنهاء الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

إلا أن غياب طرفَي النزاع (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع) عن المشاركة في الاجتماع المرتقب أثار منذ البداية شكوكًا حول جدواه، وسط تخوفات من أن يتحوّل اللقاء إلى حدث رمزي غير مؤثر في المشهد السوداني المتعقّد.


بحسب تصريحات أريج الحاج، الباحثة في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، فإن تباين الرؤى داخل الإدارة الأميركية لعب دورًا في تعقيد مسار المؤتمر. فبينما سعى وزير الخارجية ماركو روبيو إلى توسيع المشاركة الدولية لتشمل قطر، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، كان مستشار الملف السوداني مسعد بولس يُفضّل الاقتصار على “الرباعية” فقط، بما يعكس خلافًا داخليًا حول كيفية مقاربة الأزمة السودانية.

وأكدت الحاج أن إلغاء الاجتماع لا يرتبط فقط بغياب الجيش والدعم السريع، بل يعكس تعقيدات المشهد الداخلي، وضغوطات التوازنات الإقليمية، وتراجع الحماسة الأميركية لحل الأزمة.


إلغاء الاجتماع شكّل صدمة كبيرة للشارع السوداني، لا سيما وسط القوى المدنية التي كانت تأمل في أن يكون الاجتماع فرصة أخيرة للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية تنهي الحرب التي دخلت عامها الثاني، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين وانهيار كامل في البنية التحتية والخدمات الأساسية.

وصنفت الأمم المتحدة الأزمة السودانية بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم حالياً، وسط تصاعد في الانتهاكات وانعدام شبه تام لأي دور مؤسسي للدولة.


حزب المؤتمر السوداني رحب بالاجتماع مسبقًا، واعتبره فرصة نادرة لإنقاذ البلاد، مؤكدًا أن وقف الحرب مسؤولية وطنية تتطلب وحدة الإرادة السياسية.

تحالف صمود، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أبدى تفاؤله بإمكانية أن يُشكّل الاجتماع منبرًا لتوافق إقليمي يؤدي إلى عملية سياسية شاملة، لكنه عبّر عن مخاوف من أن تنتهي النقاشات بتسوية هشة وتقاسم سلطة.

في المقابل، أصدر حزب التجديد الديمقراطي بيانًا حادًا أعلن فيه رفضه لأي حوار بشأن السودان دون تمثيل فعلي للأطراف السودانية الفاعلة. وأكد أن مناقشة مصير البلاد في “غرف مغلقة” دون حضور قوى مدنية وطنية مستقلة يكرّس الوصاية الدولية ولا يصنع سلامًا حقيقيًا.


يرى مراقبون أن إلغاء الاجتماع، دون تحديد موعد بديل، قد يبعث برسائل مقلقة أبرزها:

تراجع الإرادة الدولية للتعامل الجاد مع الأزمة السودانية.

منح الأطراف المتحاربة مزيدًا من الوقت لتوسيع رقعة العنف دون رادع.

إضعاف ثقة القوى المدنية في الحلول الدولية.

تغليب المصالح الإقليمية والدولية على حساب معاناة السودانيين.


رغم التأجيل، تبقى الأنظار معلقة على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في إعادة الزخم إلى ملف السودان، أم أن الانشغالات الدولية الأخرى، كالحرب في أوكرانيا والتوتر في الشرق الأوسط، ستدفع بالأزمة السودانية إلى هوامش الاهتمام الدولي.

وفي ظل غياب قيادة موحدة داخل السودان، واستمرار الحرب على الأرض، تبدو فرص الحل السياسي مرهونة بإرادة دولية أكثر وضوحًا وشمولًا… إرادة لم تظهر بعد.

Share This Article