أنهت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الجولة الثالثة والأخيرة من المشاورات غير الرسمية حول مشروع القرار المتعلق بتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق المستقلة بشأن السودان، وذلك في قصر الأمم بمدينة جنيف. ومن المقرر إيداع النص النهائي لدى سكرتارية مجلس حقوق الإنسان يوم الخميس 25 سبتمبر، على أن يُعرض للتصويت خلال أعمال الدورة الستين للمجلس في السابع من أكتوبر المقبل.
شارك في المشاورات أكثر من أربعين دولة وخمس منظمات مجتمع مدني، فيما غاب ممثل البعثة السودانية للمرة الثانية على التوالي. وأوضحت مصادر دبلوماسية أن الهدف من اللقاء كان مناقشة التعديلات على النص المنقح استناداً لملاحظات سابقة، حيث أبقى النص على إدانته للنزاع المسلح ودعوته لاحترام القانون الدولي الإنساني، مع استخدام مصطلح “السلطات” بدلاً من “الحكومة”، وهو ما أثار اعتراضات من دول أفريقية بينها مصر والجزائر وإريتريا.
تضمن المشروع فقرة تشير إلى تقارير بشأن استخدام أسلحة كيميائية، لكن تم حذف وصفها بـ”ذات مصداقية” بناءً على طلب بعض الدول الغربية، في حين طالبت دول أفريقية بحذف الفقرة بالكامل لاعتبارها غير موثقة. ورغم الخلاف، استمر النص في تثبيت تمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق لعام إضافي.
أشاد المشروع ببيان المجموعة الرباعية الداعي إلى هدنة إنسانية، وأكد أن الحل العسكري للأزمة غير ممكن. كما أشار إلى جهود القوى المدنية وأهمية حماية العاملين في المجال الإنساني، محذراً من أن التدخلات الخارجية ساهمت في إطالة أمد النزاع. وشدد على ضرورة ضمان المساءلة عن الانتهاكات، مع الإشارة إلى تجنيد الأطفال واستخدام المجاعة كسلاح حرب والاستهداف على أساس الهوية الإثنية.
بينما اعتبرت منظمات حقوقية أن النص يعكس توافقاً دولياً على استمرار عمل البعثة، عبّرت المجموعة الأفريقية عن استيائها من استبعاد معظم مطالبها، وأكدت أن 90% منها لم يُدرج. ومع ذلك، احتفظ المشروع بقوة أساسية تجعله مرشحاً للحصول على دعم واسع، على غرار التصويت السابق الذي حظي فيه بتأييد 23 دولة من أصل 47.
أكدت شخصيات حقوقية أن بعثة تقصي الحقائق آلية أنشأها مجلس حقوق الإنسان بقرار أممي، ومهمتها توثيق الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب. واعتبرت أن تمديد ولايتها يمثل خطوة مهمة لحماية حقوق السودانيين وضمان الذاكرة الوطنية، بما يفتح المجال أمام المحاسبة والتعويض مستقبلاً.
من المنتظر أن تشهد أروقة المجلس تحركات دبلوماسية مكثفة حتى موعد التصويت، وسط تباين المواقف بين الدول الأعضاء. ويرى مراقبون أن القرار، رغم الاعتراضات، يمثل تقدماً ملموساً نحو تثبيت دور البعثة الأممية كإحدى أدوات توثيق الانتهاكات ودعم مسار العدالة والسلام في السودان.