سيول مدمرة تجتاح مدينة طوكر بشرق السودان وتخلّف قتلى ومئات المفقودين: نداءات استغاثة وغياب تام للسلطات

4 Min Read

شهدت مدينة طوكر، الواقعة في أقصى جنوب ولاية البحر الأحمر بشرق السودان، كارثة إنسانية مروعة نتيجة سيول جارفة اجتاحت المدينة ودمرت بنيتها التحتية بالكامل. ووفقًا لمصادر محلية، لقي ما لا يقل عن 10 أشخاص حتفهم في حصيلة أولية، بينما فُقد مئات الأشخاص أثناء محاولاتهم الفرار من المنطقة المنكوبة. في ظل هذه الظروف، أطلق الأهالي نداءات استغاثة عاجلة لإنقاذ العائلات العالقة في العراء، بينما تواصل السلطات المحلية غيابها التام عن المشهد.

دمار شامل في طوكر

وبحسب شهود عيان من سكان طوكر، ارتفع منسوب مياه الفيضانات في المدينة إلى ما يقارب المترين، مما أدى إلى انهيار كامل لجميع المنازل والمباني. المياه المتدفقة بغزارة اجتاحت المدينة من ثلاث جهات بعد أن دمرت وادي «بركة»، وأدى انهيار سد أربعات، الذي يعتبر مصدر المياه الرئيسي لمدينة بورتسودان، إلى قطع العديد من الطرق الرئيسية، مما زاد من عزلة المنطقة عن باقي أجزاء الولاية.

أفادت تقارير من داخل طوكر أن الوضع “كارثي للغاية”، حيث يفتقر المئات من النساء والأطفال وكبار السن إلى الطعام ومياه الشرب منذ ليل الأحد – الاثنين. وأضاف السكان أن الوضع يزداد خطورة مع مرور الوقت، وسط تخوفات من ارتفاع عدد الضحايا في حال لم تتحرك السلطات بشكل عاجل.

إهمال حكومي مركزي وولائي

مدينة طوكر، التي تبعد حوالي 250 كيلومترًا عن مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، تضم أكثر من 170 ألف نسمة. المدينة تعاني منذ سنوات طويلة من إهمال حكومي على المستوى المركزي والولائي، ما فاقم من تداعيات الكارثة الحالية.

تشير التقديرات الأولية إلى تدمير وتضرر أكثر من 20 ألف منزل، وتشريد حوالي 120 ألف مواطن. كما ألحق الدمار أضرارًا كبيرة في القطاعين الزراعي والحيواني، ولكن تعذر حصر هذه الأضرار بشكل كامل حتى الآن. مصادر محلية أكدت أن العديد من العائلات لجأت إلى المناطق الجبلية والمرتفعة هربًا من السيول، معبرة عن قلقها الشديد إزاء غياب أي تدخلات حكومية للإنقاذ.

نداءات استغاثة وتحالف القوى المدنية

من جهته، أكد «تحالف القوى المدنية لشرق السودان» عدم توفر إحصاءات دقيقة لأعداد الضحايا في مناطق طوكر والمربعات والمرافيت. وأشار التحالف إلى أن عددًا من الأشخاص لا يزالون في عداد المفقودين بمناطق محاصرة بالمياه.

وفي هذا السياق، دعا المتحدث باسم التحالف، صالح عمار، سلطات الأمر الواقع في بورتسودان إلى إرسال طائرات لإنقاذ المحاصرين بالمياه ورفع القيود عن حركة المنظمات المحلية والدولية، التي تسعى لتقديم المساعدة.

تحذيرات من سيول جديدة

في تطور آخر، أصدرت وحدة الإنذار المبكر بهيئة الأرصاد الجوية السودانية تحذيرات من هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية في 10 ولايات بالبلاد. وأشارت النشرة اليومية إلى أن هذه الأمطار الغزيرة قد تؤدي إلى سيول جارفة وفيضان الأودية والخيران.

توقعات الأرصاد الجوية تشير إلى احتمالية هطول أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية ومرتفعات إريتريا، مما قد يؤدي أيضًا إلى فيضان الوديان والخيران ونهرَي القاش وعطبرة، مهددةً بمزيد من الفيضانات في ولايات البحر الأحمر، والشمالية، ونهر النيل، وكسلا، والقضارف، والخرطوم، والجزيرة، والنيل الأزرق، ودارفور.

التقارير الحكومية والأمم المتحدة

فيما كشفت السلطات الحكومية بولاية البحر الأحمر، الأحد، عن أن السيول والأمطار مسحت 5 بلدات بالكامل جراء انهيار سد أربعات الرئيسي، الذي يغذي العاصمة بورتسودان بمياه الشرب.

ووفقًا للتقارير الرسمية، لقي حوالي 60 شخصًا مصرعهم جراء الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت البلدات المحيطة ببورتسودان. إلا أن مصادر مستقلة تشير إلى أن عدد الضحايا قد يكون أكبر بكثير، ولم يشملهم الحصر الرسمي حتى الآن.

مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان (أوتشا) قدر في أحدث تقرير له أن ما يقارب 317 ألف شخص (56 ألف أسرة) تأثروا بالأمطار الغزيرة والفيضانات في 60 منطقة عبر 16 ولاية في السودان منذ بداية موسم الأمطار في يونيو الماضي.

تظهر هذه الكارثة حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، حيث تستمر الأمطار الغزيرة والسيول في تدمير حياة الناس، وسط غياب واضح للسلطات المركزية والمحلية في التعامل مع تداعيات هذه الأزمة.

Share This Article