استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان، وحماية المدنيين الذين يعانون من تداعيات الصراع المستمر منذ أبريل 2023. كان مشروع القرار الذي قدمته المملكة المتحدة وسيراليون قد حصل على دعم جميع أعضاء المجلس الأربعة عشر الآخرين، لكن الفيتو الروسي حال دون اعتماده، مما أثار انتقادات واسعة من عدة أطراف دولية.
كان الهدف الرئيسي من القرار هو وقف الأعمال القتالية بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى جانب حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة. كما نص مشروع القرار على ضرورة الامتناع عن التدخلات الخارجية التي من شأنها تأجيج الصراع واحترام حظر الأسلحة المفروض على إقليم دارفور. وقد دعا المشروع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى دراسة إمكانية إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، رغم أن الأخير كان قد أشار في تقريره الأخير إلى صعوبة نشر قوة أممية لحفظ السلام في ظل الظروف الحالية.
بررت روسيا موقفها بالتحفظات التي أبدتها على صياغة القرار، لكن العديد من الدبلوماسيين رأوا في ذلك انحيازًا لصالح الجيش السوداني. هذا الفيتو أثار غضب ممثلي الدول الأخرى، حيث وصفه المندوب البريطاني في مجلس الأمن بأنه “عار”، وأكد أن الهدف الأساسي للقرار كان إنسانيًا بحتًا، ولا يحتمل التأجيل.
تزامن ذلك مع تدهور الوضع الإنساني في السودان بشكل كارثي، حيث نزح أكثر من 11 مليون شخص من ديارهم، بينهم نحو ثلاثة ملايين لجأوا إلى دول مجاورة. يواجه حوالي 26 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، مع إعلان المجاعة في بعض المناطق مثل مخيم زمزم في دارفور. ورغم الدعوات الدولية المتكررة لوقف إطلاق النار، يواصل الطرفان القتال، متجاهلين جميع النداءات الإنسانية.
الموقف الروسي يعكس الانقسامات داخل مجلس الأمن بشأن التعامل مع الأزمات الإقليمية، مما يزيد من تعقيد الجهود الدولية لحل الأزمة السودانية. في ظل غياب إجماع دولي على خطوات واضحة لإنهاء الصراع، يبقى الأمل معقودًا على المبادرات الإقليمية والضغوط الثنائية لتحقيق تقدم ملموس.
