في الأيام الأخيرة، أثارت تسريبات إعلامية سودانية ضجة كبيرة حول مطالبات مزعومة من قبل حركتين مسلحتين مواليتين للجيش السوداني بمكافآت مالية كبيرة ونصف السلطة السياسية مقابل مشاركتهما في القتال ضد قوات الدعم السريع. تتعلق هذه التسريبات بحركتي “العدل والمساواة”، بقيادة جبريل إبراهيم، وزير المالية الحالي، و”حركة تحرير السودان”، بقيادة مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور. زعمت التقارير أن الحركتين طالبتا بنسبة 50% من السلطة، بما في ذلك مناصب سيادية مثل وزارة المالية ورئاسة الوزراء، وكذلك كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة والمعدات العسكرية المتطورة.
تفاصيل التسريبات
وفقاً للتسريبات التي نشرتها منصات صحافية موالية للجيش، قيل إن جبريل إبراهيم ومناوي طلبا هذه الحصة الكبيرة في الحكومة السودانية كشرط لمشاركتهما في العمليات العسكرية ضد قوات الدعم السريع. كما ذكرت التقارير أن الحركتين تسلمتا مبلغاً قدره 72 مليون دولار نقداً، إلى جانب مطالبتهما بمسيرات حديثة وعربات قتالية من أجل تعزيز قواتهما في القتال.
نفي الحركات المسلحة للتسريبات
جاء رد الحركات المسلحة سريعاً، حيث نفت “حركة العدل والمساواة” عبر ناطقها الرسمي محمد زكريا صحة هذه الادعاءات ووصفتها بأنها “أخبار كاذبة” لا أساس لها من الصحة. وأكد زكريا أن الحركة تشارك في “معركة الكرامة” مع الجيش السوداني من منطلق “الواجب الوطني” وليس لتحقيق مصالح شخصية أو مادية. كما أوضح أن الحركة ملتزمة بعملية دمج قواتها في الجيش وفقاً لبنود “اتفاق سلام جوبا”، وهو الاتفاق الذي وقعته الحركات المسلحة في أكتوبر 2020 بعد الثورة الشعبية السودانية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير.
موقف “حركة تحرير السودان”
بدوره، نفى رئيس “حركة تحرير السودان”، مني أركو مناوي، في ندوة سياسية عقدت في باريس، تلك المزاعم قائلاً إن “القوات المشتركة” التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني لا تحتاج إلى تمويل خاص، وإن كانت تحتاج فإنها ستلجأ إلى المؤسسات الرسمية للدولة وليس لأطراف أخرى. كما شدد على ضرورة دمج الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع في الجيش السوداني في إطار الترتيبات الأمنية المتفق عليها.
تحالف القوات المشتركة
منذ اندلاع الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وقفت الحركات المسلحة الموقعة على “اتفاق جوبا” موقف الحياد خلال الأشهر السبعة الأولى من الحرب. غير أن في نوفمبر 2023، أعلنت هذه الحركات انحيازها للجيش السوداني بسبب ما وصفته بـ”الانتهاكات” التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، بما في ذلك تدمير البنية التحتية وقتل المدنيين. ويضم التحالف المسلح “القوات المشتركة” حركات عدة من إقليم دارفور، كانت في السابق تقاتل ضد الحكومة السودانية خلال صراع دارفور الذي اندلع في 2003.
استمرار الجدل حول الابتزاز
رغم نفي الحركات المسلحة لهذه الادعاءات، إلا أن الجدل لم يتوقف، إذ يرى العديد من السودانيين أن هذه المطالبات، إن صحت، تمثل نوعاً من الابتزاز للجيش السوداني الذي يواجه حرباً شرسة ضد قوات الدعم السريع. وفي الوقت نفسه، استمر النقاش حول شرعية الحركات المسلحة التي تسعى إلى توسيع نفوذها السياسي والعسكري في السودان بعد توقيع “اتفاق جوبا للسلام”.
الخلاصة
بينما تحاول الحركات المسلحة الدفاع عن موقفها بالتأكيد على مسؤوليتها الوطنية في الدفاع عن البلاد، يظل الجدل مستمراً حول دوافع مشاركتها في الحرب ضد قوات الدعم السريع. فالاتهامات بالابتزاز والبحث عن مكاسب سياسية لا تزال تثير تساؤلات كبيرة في الساحة السودانية، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية والاشتباكات الدامية بين الجيش والدعم السريع.