يشهد شرق السودان تصعيداً متزايداً مع تهديد حركة شبابية قبلية تعرف بـ”تيار الشباب البجاوي الحر” بإغلاق الإقليم الشرقي، الذي أصبح مركزاً إدارياً للحكومة السودانية بدلاً عن العاصمة الخرطوم، بسبب وجود حركات مسلحة من خارج المنطقة. واتهمت الحركة تلك الميليشيات، الحليفة للجيش السوداني، بأنها تمثل تهديداً لأمن ونسيج المجتمع المحلي.
طالبت الحركة بإخراج الحركات المسلحة من الإقليم، قائلة إن وجودها يثير “النعرات القبلية” ويهدد الاستقرار. وأشارت في بيانها إلى أن الحركات المسلحة تعمل دون تنظيم أو تنسيق مما يزيد من احتمالية حدوث اضطرابات خطيرة في المنطقة. وتعهدت الحركة بتنفيذ “إغلاق كامل لحدود الإقليم” حتى تلبية مطالبها، داعيةً إلى حماية شرق السودان من الانزلاق في صراعات داخلية.
الميليشيات المنتشرة في شرق السودان
يعد الإقليم الشرقي مسرحاً لنشاط مكثف للميليشيات المسلحة، وأبرزها:حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي. وحركة العدل والمساواة السودانية بقيادة جبريل إبراهيم. حركة تحرير السودان – فصيل مصطفى طمبور.
بالإضافة إلى هذه الحركات، تنتشر في المنطقة ميليشيات محلية مثل “مؤتمر البجا المسلح” بقيادة موسى محمد أحمد، و”قوات مؤتمر البجا – الكفاح المسلح” بقيادة شيبة ضرار، إضافة إلى مجموعة تعرف بـ”الأورطة الشرقية”، التي تشير التقارير إلى أنها تلقت تدريبات في إريتريا بدعم من حكومة أسمرا.
تزايد التوترات القبلية والسياسية
شهدت الأيام الماضية ملاسنات بين قيادات من الحركات المسلحة. حيث طالب الجنرال شيبة ضرار بإعادة الحركات الدارفورية إلى مناطقها الأصلية، متوعداً بمواجهتها حال استمرارها في الإقليم. ورداً على ذلك، دعا مني أركو مناوي إلى وقف ما وصفه بـ”الحملات العنصرية”. هذه التوترات عكست حالة الاحتقان التي باتت تهدد استقرار شرق السودان.
أبعاد سياسية وعسكرية
تعود جذور الأزمة إلى اتفاقية جوبا للسلام، التي نصت على دمج الحركات المسلحة في الجيش السوداني. لكن التنفيذ تعثر، مما دفع الحركات إلى تجنيد آلاف المقاتلين الجدد، معظمهم من دارفور، للمشاركة في المعارك بجانب الجيش ضد قوات الدعم السريع. ومع ذلك، تفاقمت الخلافات بين الجيش وحلفائه من الميليشيات المسلحة في الفترة الأخيرة، بسبب اتهامات بالفساد والتباينات بشأن توزيع السلطة والنفوذ.
خطر الانزلاق إلى الفوضى
يخشى مراقبون من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم التوترات في شرق السودان، حيث يعتمد استقرار الإقليم على تحقيق توازن بين مختلف القوى المحلية ومنع الصراعات الخارجية من الامتداد إلى داخله. كما قد تؤدي التحركات القبلية لإغلاق الإقليم إلى عزل المنطقة عن بقية البلاد، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني والأمني.
تبرز هذه الأزمة خطورة تأثير الصراعات المسلحة على نسيج المجتمع المحلي وضرورة معالجة المطالب القبلية والسياسية بشكل عاجل لتفادي انزلاق الإقليم نحو الفوضى.