شهد الجنيه السوداني انخفاضاً حاداً أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، في تدهور غير مسبوق تسبب في ارتفاع ملحوظ بأسعار الصرف في السوق السوداء، مقارنة بأسعار البنوك الرسمية، ويأتي هذا الانخفاض في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة يعيشها السودان منذ اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023، وارتفع سعر الدولار في السوق الموازية من متوسط 570 جنيهاً خلال العام 2022 إلى نحو 2700 جنيه حالياً، ما يعكس قفزة كبيرة في الطلب على العملة الأجنبية، ويضاعف من الأعباء الاقتصادية على المواطنين.
يرجع خبراء اقتصاديون هذا التدهور إلى عدة عوامل، أبرزها: تصاعد الصراع العسكري بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى تراجع الثقة في النظام المالي المحلي، زيادة الطلب الموسمي على الدولار، خاصة مع اقتراب موسم الحج وعيد الأضحى، نشاط تجاري غير منظم في بعض المناطق، يدفع التجار إلى اللجوء للسوق السوداء لتلبية احتياجاتهم من النقد الأجنبي، تراجع الإنتاج المحلي وتوقف عدد من المؤسسات الاقتصادية، ما يفاقم أزمة العرض مقابل الطلب.
أدى تدهور الجنيه إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والخدمات، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للأسر السودانية، وعبّر عدد من المواطنين عن معاناتهم مع الغلاء المستمر، في ظل ضعف الرواتب وغياب الاستقرار النقدي، كما حذر محللون من أن استمرار النزاع العسكري سيدفع الاقتصاد نحو مزيد من التدهور، وما يهدد بدخول البلاد في حالة ركود اقتصادي حاد ما لم تُتخذ تدابير عاجلة للإنقاذ المالي والإصلاح السياسي.