في خطوة تصعيدية جديدة تعكس تعقيدات الصراع السوداني الداخلي، تقدمت الحكومة السودانية بشكوى رسمية إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، تتهم فيها دولة تشاد بدعم “الميليشيات المتمردة” التابعة لقوات الدعم السريع، التي يقودها الفريق اول /محمد حمدان دقلو (حميدتي). وتتضمن الشكوى وثائق وفيديوهات تزعم تقديم تشاد دعمًا عسكريًا للمتمردين عبر تزويدهم بالأسلحة والذخائر، مما أدى إلى تصاعد حدة النزاع في السودان وإلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين السودانيين. وقد طالبت الخرطوم من الاتحاد الإفريقي تعويضات عن الأضرار الناتجة عن هذا التدخل، داعية إلى مزيد من التحقيقات في هذه الادعاءات.
تفاصيل الشكوى المقدمة للاتحاد الإفريقي
وفقًا لوزير العدل السوداني، معاوية عثمان محمد خير، فإن السودان يمتلك أدلة واضحة تؤكد تورط تشاد في دعم قوات الدعم السريع، إذ تُظهر الوثائق ومقاطع الفيديو تزويد القوات بالأسلحة والذخائر التي استخدمتها ضد الجيش السوداني والمدنيين. ويأمل السودان أن يسهم الاتحاد الإفريقي في متابعة الشكوى بشكل رسمي، ما يتيح المجال للسودان لتقديم شكاوى إضافية في المحافل الدولية، من أجل تحصيل تعويضات عما وصفه “بالتدخل التشادي غير المشروع”.
تأتي هذه الخطوة بعد عدة أشهر من النزاع المستمر بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، حيث خلّف الصراع آلاف القتلى وملايين النازحين، وفقاً للأمم المتحدة. ومع تصاعد العنف، تعاظمت المخاوف من تدخلات خارجية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتأزم في البلاد، إذ تواجه المناطق المتأثرة بنقص الغذاء والمساعدات.
رد تشاد على الاتهامات
بدورها، نفت الحكومة التشادية الشهر الماضي على لسان وزير خارجيتها، عبد الرحمن كلام الله، التورط في تقديم أي دعم عسكري لقوات الدعم السريع، معتبرة أن تشاد لم ولن يكون لها مصلحة في تأجيج الحرب في السودان، وأنها من الدول المتأثرة سلباً بنتائج هذا الصراع المستمر. وأشار إلى أن تشاد نفسها تتكبد أعباءً كبيرة من تدفق النازحين السودانيين الذين يعبرون الحدود هربًا من العنف في مناطق النزاع.
التداعيات الإنسانية والحدودية للنزاع
يمتد النزاع في السودان إلى ولايات دارفور الغربية التي تتشارك حدودًا طويلة مع تشاد بطول حوالي 1,300 كيلومتر، مما يسهل انتقال الأفراد والأسلحة بين البلدين. وتستخدم الأمم المتحدة معبر “إدري” الحدودي كقناة لتقديم المساعدات الإنسانية، حيث وافقت الحكومة السودانية في أغسطس الماضي على فتحه لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في منتصف نوفمبر. ومع استمرار النزاع وارتفاع أعداد النازحين، تظل مناطق الحدود هشة وقابلة للاضطرابات، حيث تسعى الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الجهود لتقديم الدعم للمتضررين.
ردود فعل دولية وإقليمية
تثير هذه الاتهامات تساؤلات حول مستقبل الصراع في السودان، وتهدد بزيادة توتر العلاقات بين السودان وتشاد، فضلاً عن تعقيد جهود السلام في المنطقة. من المتوقع أن يتابع الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي هذا النزاع بقلق، لا سيما مع تصاعد التداعيات الإنسانية للنزاع، حيث يعيش ملايين السودانيين ظروفًا قاسية مع نزوحهم المستمر بحثًا عن الأمان، وأثر ذلك على الدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين.
يبقى الاتحاد الإفريقي مطالبًا ببحث دقيق للشكوى وتقصي الحقائق في ظل الأوضاع المتدهورة، بما يضمن الحد من التدخلات الخارجية وإعادة الاستقرار إلى السودان.