اتهمت الولايات المتحدة روسيا بتمويل الطرفين المتنازعين في السودان، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مؤكدة أن موسكو تستغل الصراع لتعزيز مصالحها السياسية والاقتصادية. جاء ذلك في جلسة لمجلس الأمن الدولي، حيث أثارت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد هذه الاتهامات، وفقًا لما نقلته وكالة «رويترز».
اندلع الصراع في أبريل 2023 بسبب تنافس على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت كان يُفترض فيه انتقال السودان إلى الحكم المدني. أدى النزاع إلى أزمة إنسانية شديدة، تعد من أكبر أزمات النزوح والجوع في العالم، حيث نزح الملايين داخليًا وخارجيًا وانهارت الخدمات الأساسية.
في نوفمبر 2023، استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وقفت روسيا وحيدة في معارضة القرار، بينما صوتت الدول الأربع عشرة الأخرى لصالحه. هذا الموقف أثار انتقادات شديدة من الجانب الأميركي.
خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، قالت السفيرة الأميركية:
«لقد اختارت روسيا عرقلة الجهود الرامية لإنهاء الحرب، وفي الوقت نفسه تمول كلا الجانبين في الصراع، مما يعرض المدنيين للخطر».
بينما لم تقدم السفيرة تفاصيل إضافية، أوضح المتحدث باسم البعثة الأميركية أن واشنطن قلقة من دور روسيا في تجارة الذهب بالسودان، التي يُعتقد أنها تمثل مصدر تمويل غير مشروع للطرفين. وأشار إلى أن تعاون السلطات السودانية مع كيانات روسية خاضعة للعقوبات في مجال تعدين الذهب قد يضر بمصالح السودان المستقبلية وتطلعات شعبه لإنهاء الحرب.
نفت روسيا هذه الاتهامات بقوة. واعتبر نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، أن الولايات المتحدة تحاول فرض معاييرها الخاصة على القوى العالمية الأخرى. بينما وصف السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا المزاعم الأميركية والغربية بأنها «افتراءات لا أساس لها».
تظهر الاتهامات الأميركية لروسيا محاولة للضغط على موسكو لوقف دعمها الاقتصادي والسياسي غير المباشر للصراع السوداني. كما تسلط الضوء على تجارة الذهب غير المشروعة في السودان، التي تعد واحدة من أهم مصادر التمويل للجهات المسلحة. هذه الاتهامات تكشف أيضًا عن تصعيد جديد في المنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث يسعى الطرفان لتعزيز نفوذهما في إفريقيا، مستغلين الفوضى التي سببتها الصراعات الداخلية.
في ختام كلمتها، عبرت السفيرة توماس غرينفيلد عن شعور بالأسى لعدم تحقيق المزيد من التقدم لإنهاء الحرب السودانية، قائلة:
«رغم كل خيبة الأمل، ما زلت متفائلة. وآمل أن يواصل الزملاء هذه المهمة المقدسة والمسؤولية الأساسية».
الملف السوداني يظل عالقًا في أروقة الأمم المتحدة، حيث تتداخل الأزمات الإنسانية مع الأبعاد الجيوسياسية في صراع معقد يهدد استقرار المنطقة ومستقبل السودان.