أطلقت منظمات مجتمع مدني وهيئات إنسانية دعوات عاجلة لإجلاء نحو 260 ألف مدني، بينهم 130 ألف طفل، من مدينة الفاشر عبر ممرات آمنة، في ظل الحصار المستمر على المدينة منذ أكثر من 500 يوم. وتُعد الفاشر آخر نقطة رئيسية للاشتباكات في إقليم دارفور بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث تفاقمت الأوضاع الإنسانية بصورة غير مسبوقة.
أشارت منظمات دولية إلى أن قوات الدعم السريع أقامت أكثر من 38 كيلومتراً من الحواجز الترابية حول الفاشر بهدف عزلها عن محيطها، ما منع دخول الغذاء والدواء وأدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسكان. وأكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن المدينة لا تتوفر فيها أي ممرات آمنة للخروج، محذرة من خطورة استمرار الوضع الحالي على حياة المدنيين.
منذ مايو 2024، تسبب الحصار في تهجير أكثر من 470 ألف شخص من الفاشر والمناطق المحيطة بها، بينما شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً ميدانياً رافقته انتهاكات جسيمة بحق المدنيين. ووفق شهادات، تعرض الرجال والفتيان لاستهداف مباشر على الطرقات، في وقت زادت فيه خطورة محاولات الخروج من المدينة مقارنة بالبقاء داخلها، رغم القصف اليومي.
حذرت المنظمات من أن العجز الدولي في التعامل مع الأزمة ساهم في تفاقم الخسائر البشرية، مشيرة إلى مرور عام تقريباً منذ إصدار الأمم المتحدة توصيات بشأن حماية المدنيين دون إحراز تقدم ملموس. وشدد البيان على أن الحل الشامل يكمن في وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، لكنه أكد في الوقت ذاته ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في الفاشر.
دعت المنظمات إلى إعداد وتنفيذ خطة إنسانية فورية تتماشى مع القانون الدولي، تشمل فتح ممرات آمنة وخاضعة للمراقبة، مع ضمان أن تكون المغادرة طوعية وآمنة. وطالبت بتعيين منسق دولي لعمليات الإجلاء وتنسيق الجهود بين الأمم المتحدة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والسلطات المحلية، مع توفير الدعم الطبي واللوجستي على طول المسارات. كما أوصى البيان باستخدام صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة لمراقبة تنفيذ الخطة وضمان الشفافية.
حذرت المنظمات من خطر المجاعة الوشيكة وتفشي وباء الكوليرا الذي تسبب في وفاة أكثر من 350 شخصاً في دارفور، واعتبرته أسوأ موجة منذ سنوات. وأكدت أن تزويد المدنيين بالمياه والغذاء والدواء والوقود أصبح ضرورة عاجلة، خاصة للفئات غير القادرة على الإجلاء مثل كبار السن والمرضى وذوي الإعاقة.
ختم البيان بالتأكيد على أن المجتمع الدولي تابع حصار الفاشر طوال الفترة الماضية دون خطوات ملموسة، محذراً من أن المخاطر وصلت إلى مستوى حرج يتطلب تحركاً فورياً ومنسقاً لإنقاذ الأرواح. وأشار إلى أن منظمتي بايما و افاز تقودان حالياً حملة لجمع توقيعات على بيان مشترك بشأن الوضع الطارئ، على أن يتم نشره عبر وسائل الإعلام الدولية أواخر سبتمبر.