شهد مستشفى بشائر جنوبي الخرطوم حادثة أمنية خطيرة أثارت حالة من الذعر والفوضى، بعد أن هدد أحد الجنود المنتمين إلى القوات المشتركة (جناح مني أركو مناوي) بتفجير المستشفى باستخدام قنبلة يدوية، عقب تلقيه نبأ وفاة أحد زملائه المصابين.
وبحسب شهود عيان وتقارير محلية، فإن الجندي دخل في نوبة غضب حادة بعد إعلان وفاة رفيقه، ملوحًا بالقنبلة داخل المستشفى، ما دفع الكوادر الطبية والإدارية والمرضى ومرافقيهم إلى الفرار بشكل جماعي. وأدى الحادث إلى توقف العمل في المستشفى مؤقتًا، قبل أن تتمكن قوات أخرى من السيطرة على الوضع وتهدئة الموقف.
وقعت الحادثة في أعقاب اشتباكات مسلحة اندلعت بين عناصر من القوات المشتركة وقوات الجيش السوداني في منطقة سوق السمك شمالي المستشفى، مما فاقم حالة التوتر في محيط المنشأة الطبية. وتشير المصادر إلى أن هذه الاشتباكات جاءت رغم الأوامر الصادرة من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بسحب جميع التشكيلات العسكرية من العاصمة الخرطوم.
ورغم التعليمات الرسمية، لا تزال عدد من الحركات المسلحة والكتائب المتحالفة مع الجيش متمركزة داخل العاصمة، رافضة الخروج، الأمر الذي يبقي المرافق الحيوية والمؤسسات المدنية عرضة للانتهاكات. ويعتبر هذا التمرد على الأوامر العسكرية دلالة على انهيار الانضباط داخل بعض الوحدات المقاتلة، وصعوبة السيطرة على الأوضاع الأمنية في ظل تعدد القوى المسلحة داخل الخرطوم.
أثارت الحادثة استنكارًا واسعًا في الأوساط الطبية والحقوقية، حيث دعا أطباء ومنظمات مجتمع مدني إلى تشديد الحماية على المستشفيات والمراكز الصحية، ومنع أي وجود مسلح داخلها. كما طالبوا بضرورة فرض الانضباط العسكري الصارم ومحاسبة العناصر التي تتورط في انتهاك حرمة المؤسسات المدنية.
تسلّط هذه الواقعة الضوء على استمرار الفوضى الأمنية في الخرطوم رغم مرور أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب، إذ لا تزال المنشآت الخدمية والإنسانية تتعرض للتهديد، في وقت يتزايد فيه الضغط على القطاع الصحي الذي يعاني من نقص الكوادر والمستلزمات.
ويرى مراقبون أن حادثة مستشفى بشائر تمثل جرس إنذار خطير حول تدهور الوضع الأمني في العاصمة، وحاجة السودان الماسة إلى آلية مركزية موحدة لضبط السلاح والالتزام العسكري، لضمان سلامة المدنيين واستعادة هيبة الدولة في مؤسساتها المدنية.