كشف قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن تفاصيل محادثات سرية جمعته بحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قبل اندلاع الحرب في السودان، في تصريحات تسلط الضوء على كواليس المرحلة التي سبقت اندلاع النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023.
قال دقلو إن سلسلة لقاءات جرت بينه وبين مناوي في الفترة التي سبقت الحرب، في محاولة لاحتواء التوترات المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأوضح أن هذه اللقاءات كانت غير معلنة وتمت في أجواء من السرية بهدف تفادي انهيار العملية السياسية التي كانت تمر بمرحلة حرجة آنذاك.
وأشار دقلو إلى أنه أبلغ مناوي خلال تلك اللقاءات بمعلومات استخباراتية تؤكد وجود نية مبيتة من قيادة الجيش لشن هجوم على قوات الدعم السريع. وأضاف أنه حاول من خلال تلك التحذيرات حثّ مناوي على اتخاذ موقف واضح تجاه الأزمة، لكنه لم يتلقَ استجابة حاسمة.
وبحسب رواية دقلو، فإن مناوي اكتفى بالاستماع ولم يعلن انحيازًا لأي طرف. هذا الموقف، وفقًا له، ساهم في تعقيد المشهد السياسي، خاصة أن إقليم دارفور كان من أكثر المناطق عرضة للتأثر المباشر في حال اندلاع الحرب.
تأتي تصريحات دقلو في وقت يعيد فيه مراقبون تحليل المقدمات السياسية والعسكرية التي سبقت اندلاع النزاع في السودان، والذي أسفر عن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخ البلاد، مع نزوح ملايين المدنيين وتدمير واسع للبنية التحتية.
ويرى محللون أن ما كشفه دقلو يسلط الضوء على تعقيدات العلاقة بين القيادات العسكرية والسياسية، وعلى الفرص التي أُهدرت لتجنب المواجهة. كما يثير تساؤلات حول المسؤولية السياسية والأخلاقية للأطراف التي كانت على علم بالمخاطر ولم تتخذ خطوات حاسمة لوقف التصعيد.
في ظل استمرار الحرب واتساع نطاقها، تكتسب هذه التصريحات أهمية خاصة، إذ تقدم رؤية من داخل أحد أطراف الصراع حول محاولات غير معلنة لتفادي الانزلاق نحو المواجهة التي غيّرت وجه السودان.