تشهد ولاية شرق دارفور تطورًا صحيًا مقلقًا بعد إعلان غرفة طوارئ محلية عسلاية عن تفشي مفاجئ لوباء الكوليرا في حي الصحافة، أحد الأحياء السكنية في المحلية، خلال الأيام القليلة الماضية، ويمثل هذا التفشي الجديد إضافة خطيرة إلى التحديات الصحية والإنسانية التي تواجه الولاية، خاصة في ظل ضعف البنية التحتية الصحية وانعدام التجهيزات الطبية الأساسية.
ووفقًا للتقارير الصادرة عن غرفة الطوارئ، فقد تم تسجيل 3 حالات وفاة و17 إصابة مؤكدة حتى الآن، وسط مخاوف من اتساع دائرة الإصابات في حال لم يتم التدخل بشكل عاجل، ويأتي ذلك في ظل ظروف صعبة تعاني منها المرافق الصحية، التي تكاد تفتقر إلى المقومات اللازمة للاستجابة الفعّالة لتفشي الأوبئة.
أوضحت الغرفة، في بيان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن غرفة الطوارئ في عسلاية تعاني من انعدام تام للمحاليل الوريدية والأدوية الأساسية، مما يعوق تقديم الرعاية الطبية الضرورية للمصابين، وأشارت إلى أن الصيدليات في المنطقة لا تتوفر فيها مواد الإماهة الفموية أو المضادات الحيوية الموصى بها في حالات الكوليرا، وأكد العاملون في فرق الاستجابة المحلية أن قدراتهم محدودة للغاية، وأن معظم التدخلات الجارية تعتمد على جهود مجتمعية وتطوعية، في غياب دعم عاجل من السلطات الصحية الرسمية أو الشركاء الدوليين.
دعت غرفة الطوارئ الجهات المعنية على المستويين الولائي والاتحادي إلى إرسال إمدادات طبية عاجلة، تشمل محاليل الإماهة، وأدوية علاج الكوليرا، وأدوات الوقاية والنظافة الشخصية، كما ناشدت المنظمات الإنسانية بتكثيف جهودها، مشددة على ضرورة التدخل السريع للحد من انتشار المرض ومنع تحوّله إلى وباء واسع النطاق، كما حثت الغرفة المواطنين على اتباع الإرشادات الصحية الوقائية، خاصة تلك المتعلقة بغسل الأيدي بالماء والصابون، وغلي مياه الشرب، وتجنب تناول الأطعمة المكشوفة، إلى حين السيطرة على الوضع.
ويأتي هذا التفشي في وقت حساس من العام، حيث تتعرض الولاية لموجة أمطار موسمية غزيرة، أدت إلى تراكم المياه الراكدة، وارتفاع مخاطر التلوث، وانهيار شبكات الصرف الصحي في بعض المناطق، وهو ما يوفر بيئة مواتية لانتشار الأمراض المنقولة بالمياه، وعلى رأسها الكوليرا.
ويشير مراقبون إلى أن تفشي الكوليرا يعكس هشاشة النظام الصحي في الولاية، التي تعاني منذ سنوات من نقص الكوادر الطبية، وضعف التجهيزات، وغياب الرقابة الصحية في المناطق الريفية، الأمر الذي يجعل من كل موجة أمطار تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة.
يُعد تفشي الكوليرا في عسلاية مؤشرًا خطيرًا على احتمال تكرار سيناريوهات مشابهة في مناطق أخرى من شرق دارفور ما لم يتم التحرك بسرعة لتطويق الوباء. وبينما تتصاعد النداءات من داخل المجتمع المحلي، يبقى السؤال المطروح: هل تستجيب الجهات المختصة بالسرعة المطلوبة لتفادي كارثة صحية جديدة؟