قررت السلطات السودانية تعليق استئناف الرحلات الداخلية في مطار الخرطوم إلى أجل غير مسمى، بعد ساعات من تعرض المطار لهجوم جوي جديد بطائرات مسيّرة، هو الثاني من نوعه خلال يومين متتاليين. القرار جاء في أعقاب تصاعد التهديدات الأمنية التي طالت المرفق الحيوي، والذي كان يستعد لاستئناف نشاطه المدني بعد فترة توقف طويلة نتيجة النزاع المسلح الدائر في البلاد.
فقد وقع الهجوم صباح الأربعاء واستُخدمت فيه ست طائرات مسيّرة، نُسبت إلى قوات الدعم السريع، فيما لم تُصدر السلطات حتى الآن بياناً رسمياً حول حجم الأضرار. ويأتي هذا الهجوم بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على عملية مشابهة، ما أثار مخاوف من تكرار الاستهداف وتعطيل البنية التحتية الجوية.
أظهرت صور الأقمار الصناعية التابعة لمرصد “ناسا لرصد الحرائق” مؤشرات واضحة على وقوع انفجارات في مطار الخرطوم بتاريخ 22 أكتوبر 2025، ما يعزز فرضية الاستهداف الجوي. وأوضحت بيانات الرصد الحراري أن الانفجارات وقعت داخل نطاق المطار، في واحدة من الأدلة النادرة التي توثق الهجمات الجوية في الوقت الفعلي وتُستخدم لتقدير الأضرار بدقة.
كانت سلطات الطيران المدني قد أعلنت في وقت سابق عن خطة لإعادة تشغيل المطار وبدء الرحلات الداخلية اعتباراً من يوم الأربعاء، في خطوة عُدّت مؤشراً على بداية التعافي التدريجي للمرافق الحيوية في العاصمة. غير أن التطورات الأمنية الأخيرة دفعت الجهات المختصة إلى مراجعة القرار وتعليق الرحلات لأجل غير مسمى، خشية تعرض المطار لهجمات جديدة قد تهدد حياة المدنيين وتعرقل جهود إعادة الاستقرار.
الهجمات الأخيرة تأتي في إطار ما يُعرف بـ**“حرب المسيرات”** بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ شهدت الأيام الماضية سلسلة من الضربات الجوية المتبادلة استهدفت منشآت عسكرية ومدنية في دارفور والخرطوم وعدة ولايات أخرى. ويُستخدم هذا النوع من الطائرات بشكل متزايد لضرب الأهداف الحيوية، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويمثل تحدياً أمام محاولات استعادة الهدوء في البلاد.
يُعد مطار الخرطوم من أبرز المرافق الاستراتيجية في السودان، لارتباطه بعمليات الإغاثة الجوية والاتصالات الحكومية. ويرى مراقبون أن تعليق الرحلات في هذا التوقيت يعكس هشاشة الوضع الأمني في العاصمة، ويثير تساؤلات حول قدرة الأطراف المتحاربة على حماية المنشآت الحيوية، في وقت تتزايد فيه الدعوات المحلية والدولية لوقف القتال وبدء عملية سياسية شاملة تضع حداً للأزمة المستمرة.