الخرطوم تفقد سكانها مجددًا… والعودة تتحول إلى نزوح عكسي

2 Min Read

تشهد العاصمة الخرطوم موجة جديدة من النزوح العكسي، بعدما أجبرت الظروف الأمنية والمعيشية المتدهورة آلاف العائدين إلى مغادرتها مجددًا.
فبعد أن عادت الحياة جزئيًا بين نوفمبر 2024 وأغسطس 2025، مسجلةً عودة أكثر من 815 ألف شخص بحسب منظمة دولية معنية بالهجرة، تشير تقارير ميدانية حديثة إلى أن أكثر من نصف هؤلاء اضطروا للرحيل مجددًا خلال الأسابيع الأخيرة، نتيجة تفشي الأمراض، وانعدام الأمن، وانهيار الخدمات الأساسية.

يروي أحد سكان شرق العاصمة تجربته قائلاً إن العودة إلى منزله كانت “أقصر من المتوقع وأكثر مأساوية”، بعد وفاة شقيقه بـ حمى الضنك، وتعرض أسرته لسلسلة من عمليات النهب والاعتداء.
ويؤكد أن انقطاع الكهرباء والمياه وانتشار الأمراض جعل الحياة في الخرطوم “شبه مستحيلة”، مشيرًا إلى أن الأحياء أصبحت خاوية إلا من القليل من السكان الذين يكافحون للبقاء وسط انهيار اجتماعي وخدمي كامل.

بحسب أحد العاملين في قطاع النقل البري، شهدت الخرطوم تحولًا جذريًا في حركة التنقل.
فبينما كانت الشركات تُسيّر نحو 40 رحلة يوميًا من مدن الشمال إلى الخرطوم بين مايو وأغسطس، تراجعت الآن إلى أقل من 8 رحلات فقط، مقابل خمس أضعاف هذا العدد من الرحلات المغادرة من العاصمة، ما يعكس انهيار الثقة في استقرارها وتحولها من مقصد للعودة إلى منطقة للفرار الجماعي.

المشاهد التي تستقبل العائدين تُظهر مدينة منكوبة: مباني مدمرة، شوارع مليئة بالركام، أعمدة كهرباء متساقطة، وخطوط مياه معطلة، وسيارات محترقة على أطراف الطرق.
ويقول أحد العائدين إنه صُدم من “حجم الخراب الذي حوّل الأحياء الحيوية إلى مناطق مهجورة”.
أما من تبقى من السكان فيصفون العيش في الخرطوم اليوم بأنه “معركة يومية للبقاء بلا أفق”.

أزمة الخرطوم اليوم لا تقتصر على الأمن أو الخدمات، بل تمتد إلى أزمة إنسانية عميقة تهدد مئات الآلاف ممن لا يملكون القدرة على النزوح.
ومع استمرار الحرب وتراجع المساعدات الإنسانية، تبدو العاصمة غارقة في عزلة وانهيار حضري غير مسبوق، ما يجعل “العودة إلى الخرطوم” حلمًا بعيد المنال، والبقاء فيها مغامرة خطيرة.

Share This Article