عقد مجلس الأمن والدفاع السوداني اجتماعًا طارئًا برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، لمراجعة المستجدات الأمنية في البلاد، وذلك عقب عودته من زيارة غير معلنة إلى القاهرة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويأتي هذا التحرك في وقت تشهد فيه الساحة السياسية والدبلوماسية نشاطًا مكثفًا استعدادًا لاجتماع الآلية الرباعية المرتقب في واشنطن نهاية أكتوبر، والذي يُتوقع أن يكون محطة حاسمة في مسار إنهاء الحرب الدائرة في السودان.
ناقش الاجتماع تقريرًا شاملاً حول الأوضاع الميدانية في مختلف الولايات، مع التركيز على المناطق المتأثرة بالنزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ووفق بيان صادر عن المجلس، فقد عبّر الأعضاء عن ارتياحهم للتقدم الذي تحقق في بعض المناطق التي تمت فيها إعادة الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، معتبرين أن “الوضع الأمني بدأ يشهد تحسنًا تدريجيًا انعكس على حياة المواطنين”.
كما استعرض المجلس خطة أمنية محدثة لتعزيز الاستقرار، تشمل تكثيف الانتشار العسكري وتأمين خطوط الإمداد، إضافة إلى متابعة تنفيذ القرارات السابقة المتعلقة بحماية المدنيين وضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
تأتي هذه التطورات بعد زيارة غير معلنة أجراها البرهان إلى العاصمة المصرية القاهرة يوم الثلاثاء، حيث استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية.
وخلال اللقاء، بحث الجانبان العلاقات الثنائية وسبل دعم التعاون المشترك في مجالات الأمن، الطاقة، والنقل، إلى جانب تطورات الأزمة السودانية.
وأكد الطرفان على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لوقف الحرب، مشيرين إلى أن التنسيق بين القاهرة والخرطوم يشكل عنصرًا أساسيًا في إنجاح جهود الوساطة.
ومن المقرر أن تستضيف واشنطن في 24 أكتوبر 2025 اجتماعًا للآلية الرباعية الخاصة بالملف السوداني، والتي تضم الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية.
ويهدف هذا الاجتماع إلى التوصل إلى هدنة إنسانية شاملة ووقف دائم لإطلاق النار، تمهيدًا لإطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة سودانية.
وتأتي هذه الجهود وسط تصاعد التوترات الميدانية واستمرار تدهور الوضع الإنساني في مناطق النزاع، لا سيما في دارفور والخرطوم والجزيرة.
يُنظر إلى لقاء البرهان – السيسي كجزء من تحرك منسق بين دول الرباعية لتوحيد المواقف قبل الاجتماع الحاسم في واشنطن.
وبحسب محللين، فإن اللقاء حمل رسائل سياسية مهمة تؤكد على دعم مصر لمسار التسوية السياسية، ورفضها استمرار الحرب التي دخلت عامها الثالث.
ويرى مراقبون أن القاهرة تسعى لتعزيز دورها كوسيط إقليمي رئيسي في الأزمة السودانية، في ظل تقاربها مع واشنطن والرياض وأبوظبي حول ضرورة إنهاء الصراع عبر حل سياسي لا عسكري.
بهذه التحركات، يبدو أن السودان يقف أمام مرحلة دقيقة تجمع بين تصعيد ميداني متقطع وضغوط دبلوماسية مكثفة.
ومع اقتراب موعد اجتماع الرباعية في واشنطن، تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت الجهود الدولية ستنجح في فرض هدنة جديدة، أم أن الحرب ستواصل مسارها المدمر وسط غياب اتفاق واضح بين الطرفين المتنازعين.