في خطاب جديد يسلّط الضوء على الموقف الصارم للمؤسسة العسكرية من أي مبادرات سياسية، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، أن القوات المسلحة لن تدخل في أي مفاوضات مع أطراف خارجية، بما في ذلك مجموعة الرباعية، ما لم تضمن تلك المفاوضات وحدة السودان وسيادته وتؤدي إلى إنهاء الحرب بطريقة تعالج جذور التمرد.
جاءت تصريحات البرهان خلال كلمة ألقاها يوم السبت في مدينة عطبرة أثناء تقديمه واجب العزاء في أحد ضباط الجيش الذين قُتلوا في العمليات العسكرية، مؤكدًا أن الجيش لن يقبل بأي حلول مفروضة من الخارج أو بأي حكومة لا تعبّر عن الإرادة الشعبية.
شدد البرهان على أن القوات المسلحة ترحب بأي جهة تسعى بصدق إلى تحقيق السلام وتضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبار، لكنه أوضح أن التفاوض المقبول هو فقط الذي يؤدي إلى إصلاح الوضع الوطني ويضمن وحدة البلاد. وأضاف أن أي تسوية سياسية تُفرض من الخارج أو تتجاهل تضحيات الجنود والشهداء ستُرفض بالكامل.
وأكد البرهان أن القوات المسلحة ستواصل القتال “حتى تحقيق سلام حقيقي يعيد الاستقرار إلى السودان”، في إشارة إلى استمرار العمليات ضد قوات الدعم السريع.
وفي سياق آخر، نفى البرهان بشكل قاطع ضلوع الجيش في الهجوم الذي استهدف اجتماعًا قبليًا بمنطقة المزروب في غرب بارا بولاية شمال كردفان، والذي أسفر عن مقتل الناظر الأمير سليمان جابر جمعة سهل، ناظر قبيلة المجانين، وعدد من قيادات وأعيان القبيلة.
وقال البرهان إن القوات المسلحة لا تستهدف قبائل أو مناطق بعينها، مؤكدًا أن عملياتها موجهة فقط ضد “العدو الذي يهدد أمن واستقرار البلاد”. وأشار إلى أن الجيش يعمل على حماية النسيج الاجتماعي في السودان، وأن أي محاولة لربط عملياته العسكرية بالصراعات القبلية “هي محاولة لتشويه الحقائق”.
أثار الهجوم على ناظر قبيلة المجانين موجة من الإدانات والاستنكار في الأوساط السياسية والمجتمعية، حيث طالبت منظمات المجتمع المدني بفتح تحقيق شفاف ومستقل لتحديد الجهة المسؤولة ومحاسبة المتورطين.
من جانبها، نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن الحادث، متهمة الجيش بالوقوف وراءه، بينما أشار مراقبون إلى ضرورة الكشف عن ملابسات الهجوم لتفادي تفاقم التوترات القبلية.
تأتي تصريحات البرهان في وقتٍ يشهد فيه السودان تزايدًا في الضغوط الدولية لاستئناف المفاوضات بين الجيش والدعم السريع، وسط تباين المواقف بين القوى الإقليمية وتدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق النزاع.
ويعكس الموقف الأخير للبرهان تمسك القيادة العسكرية بخيار الحل الداخلي، ورفضها لما تعتبره “وصاية دولية”، في حين يرى مراقبون أن غياب المسار السياسي سيُطيل أمد الحرب ويزيد من معاناة المدنيين.