تواجه مدينة كادقلي، حاضرة ولاية جنوب كردفان، وضعًا صحيًا متدهورًا وصفه مراقبون بأنه “انهيار شبه كامل للمنظومة الطبية”، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية التي تضرب الولاية نتيجة الصراع الدائر وانعدام الإمدادات الطبية والغذائية، فإن مستشفيات كادقلي، سواء الحكومية أو الخاصة، أصبحت عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الخدمات العلاجية، وأشارت المصادر إلى أن جميع أنواع الفحوصات الطبية توقفت بشكل تام، مما اضطر المرضى إلى تناول أدوية، خاصة تلك الخاصة بالملاريا، دون تشخيص دقيق، ما أدى إلى مضاعفات صحية وفشل في العلاج لدى العديد من الحالات.
وفي تطور خطير، كشفت مصادر طبية من مستشفى كادقلي التعليمي أن المستشفى يعتمد منذ أكثر من عام على أدوية منتهية الصلاحية، في ظل غياب شبه تام للأدوية الأساسية مثل المحاليل الوريدية، مضادات الملاريا، والمضادات الحيوية كما يشهد المستشفى نقصًا حادًا في المستلزمات الطبية الأساسية، كالشاش، القطن، والمعقمات، مما أدى إلى توقف تقديم الرعاية حتى للحالات الطارئة.
وأضافت المصادر أن غياب الأوكسجين ومواد التخدير العامة دفع الطاقم الطبي إلى اللجوء لاستخدام التخدير الموضعي فقط في إجراء العمليات الجراحية، بما في ذلك العمليات الحرجة، مستخدمين مادة “الكتامين” التي تُعرف بتسببها في مضاعفات خطيرة عند استخدامها دون وجود أجهزة أوكسجين، وقد تم تسجيل عدد من الوفيات بسبب هذا الوضع، كان آخرها وفاة محامية بارزة خضعت لعملية جراحية بالمستشفى.
تعاني كادقلي من حصار مزدوج تفرضه قوات الدعم السريع من جهة، والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال من جهة أخرى، ما فاقم من صعوبة وصول الإمدادات الطبية والإنسانية إلى المدينة، وتواجه المدينة في الوقت الراهن أزمة معيشية متفاقمة وسط تحذيرات من وقوع كارثة إنسانية قد تصل إلى حد المجاعة، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة على الوضع الميداني.
في ظل هذه الظروف، تتصاعد دعوات من العاملين في القطاع الصحي وسكان المدينة للمنظمات الإنسانية الدولية والمنظمات الأممية بالتدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من النظام الصحي في المدينة، وتقديم المساعدات الطارئة التي من شأنها إنقاذ أرواح مئات المرضى المعرضين للخطر يوميًا.