أزمة إنسانية خانقة في الفاشر: الجوع يفتك بالسكان وسط استمرار القتال والحصار

4 Min Read

تواجه مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أوضاعًا إنسانية متدهورة مع استمرار النزاع المسلح والحصار المفروض على المدينة، حيث يعاني مئات الآلاف من السكان من نقص حاد في الغذاء، وانعدام الخدمات الأساسية، وتزايد خطر الأمراض، في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية من قصف مدفعي وهجمات بطائرات مسيّرة، وتُعد الفاشر واحدة من آخر الجبهات الرئيسية التي تشهد مواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إقليم دارفور، وقد تصاعدت حدة المعارك فيها خلال الأشهر الأخيرة، مما فاقم الأزمة الإنسانية التي تمر بها المدينة ومحيطها.

تفيد شهادات من داخل المدينة بأن الخدمات الحيوية، بما في ذلك الكهرباء والاتصالات والمخابز، توقفت بالكامل، بينما تعاني المستشفيات والمراكز الصحية من نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، وأكد سكان محليون أن عدد الوفيات ارتفع بشكل ملحوظ خلال الأيام الأخيرة، مشيرين إلى توسع المقابر داخل المدينة مع استمرار الحصار ونفاد الإمدادات الغذائية، تعيش المدينة حالة من العزلة شبه الكاملة، في ظل انعدام سبل الخروج الآمن، بينما يواجه من يحاولون مغادرتها مخاطر متعددة، أبرزها التعرض للهجمات والاعتداءات في الطرق المؤدية إلى مناطق أخرى مثل طويلة، الواقعة على بُعد نحو 60 كيلومترًا غربًا.

تشير تقارير إلى أن آلاف النازحين من الفاشر توجهوا إلى طويلة خلال الأسابيع الماضية، إلا أن الطريق لم يكن آمنًا، حيث وردت تقارير عن تعرضهم لهجمات عنيفة في أثناء الفرار، ويعيش أكثر من نصف مليون نازح في محلية طويلة حاليًا، معظمهم في أوضاع قاسية داخل مخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، وبحسب فإن معدلات سوء التغذية في ارتفاع، وقد بدأت تظهر مؤشرات مجاعة فعلية في بعض المخيمات، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن، وقالت طبيبة من داخل المدينة إن الوضع الغذائي تدهور إلى درجة دفعت بعض العائلات إلى تناول علف الحيوانات المعروف محليًا بـ”الأمباز”، الذي بدأ هو الآخر في النفاد.

تزامنًا مع تصاعد الأزمة الغذائية، تواجه الفاشر ومناطق النزوح المحيطة تفشيًا متسارعًا لوباء الكوليرا، خصوصًا مع حلول موسم الأمطار، وأفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنها عالجت نحو 2500 حالة إصابة بالكوليرا منذ منتصف يونيو، فيما سُجلت عشرات الوفيات نتيجة المرض، في ظل نقص حاد في اللقاحات ومياه الشرب النظيفة، تقييم حديث أجراه المجلس النرويجي للاجئين في منطقة طويلة أشار إلى أن 10% فقط من السكان يحصلون على مياه نظيفة بانتظام، بينما يعيش الغالبية دون مرافق صحية مناسبة، ويعتمد كثيرون على وجبة واحدة يوميًا أو أقل.

رغم الدعوات الأممية إلى وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية مع بدء موسم الأمطار، فإن العمليات العسكرية في الفاشر لا تزال مستمرة، ويرى مراقبون أن السيطرة على المدينة قد تشكل نقطة تحول في الصراع، نظرًا لموقعها الاستراتيجي في شمال دارفور، ولارتباطها بخطوط الإمداد والتواصل مع المناطق الحدودية مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، في الوقت نفسه، يستمر التوتر في ولايات كردفان المجاورة، حيث تدور اشتباكات متفرقة بين الطرفين في محاولة لإعادة ترسيم مناطق النفوذ، وسط تعثر مساعي الوساطة السياسية الرامية إلى وقف الحرب.

تُسلط هذه التطورات الضوء على حجم التحديات الإنسانية التي تواجه المدنيين في الفاشر والمناطق المحيطة، في ظل غياب حل سياسي شامل، وتراجع الدعم الدولي للمنظمات العاملة في السودان، ومع تفاقم الأوضاع، يتزايد القلق من وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق إذا لم يتم التدخل الفوري لضمان حماية المدنيين، وتأمين المساعدات الإنسانية، وفتح ممرات آمنة للمتضررين.

Share This Article