لماذا القاهرة من الاساس .. لطالما أن منبر جدة هو مفتاح الحل

3 Min Read

بقلم نجم الدين دريسة

لن نمل من تكرار أن الجارة التي تفوق سوء الظن العريض ليست مؤهلة أخلاقياً لتكون وسيطاً في أي تسوية سياسية، لأن سجلها مليء بالخيبات والمخازي في التعامل مع السودان. تاريخها كله ظلم وانتهاكات وسيطرة وتحكم واستغلال واستغفال. مؤتمر القاهرة ما هو إلا إخراج فطير ومهترئ نظمته المخابرات المصرية عبر عملائها، وجمعت له عناصر السواد الأعظم منها من فلول النظام السابق. ستظل القاهرة تحصد الفشل في تسويق وتمرير أجندتها للإبقاء على حليفها التاريخي والاستراتيجي الجيش، الذي ظل هو مخلب القط للتدخل المصري في الشأن السوداني واستغلال الموارد والاتفاقيات الجائرة لمياه النيل واحتلال واغتصاب أراضي السودان في حلايب وشلاتين وأبورماد.

هي ذات مصر التي أقامت السد على حساب تهجير أهل حلفا وأحالت وادي حلفا إلى خراب ودمار حيث طمرت المياه حتى آثار الحضارة. مصر التي ظلت تدعم الانقلابات العسكرية وتقف ضد الثورات الشعبية. ومحاولاتها المتكررة في إقحام السودان في صراعها مع إثيوبيا بسبب قيام سد النهضة، فعلى الرغم من الفوائد الجمة التي يجنيها السودان إلا أن مصر تصر على ربط السودان بموقفها من السد لأنها لا تزال تنظر إلى السودان باعتباره حديقة خلفية ملحقة بمصر. ولكن تبدو أنها غافلة تماماً عن أنها لم تعد تلك الدولة ذات الأنياب والأظافر لتمارس أي نوع من التهديد ولم يعد التعامل القديم يجدي نفعاً. وعلى مصر أن ترعوي لأن قوات التحرر الوطني التي ملأت الآفاق ليست كجيش ونجت الذي ظلت تمتطيه مصر طوال العهود السابقة.

يبدو أن هذه الحرب ستبخر أحلامهم في السيطرة والهيمنة على السودان، وأن كل محاولاتهم في استمرار الدور التاريخي لم ولن تعد ممكنة. هذه الأزمة كشفت للشعب مواقف الدول الصديقة. فمنذ عمليات الإجلاء التي صاحبت الأيام الأولى للحرب تأكد لنا وبما لا يدع مجالاً للشك أن المملكة العربية السعودية تعد من الشركاء المؤتمنين والمتفردين والموثوق بهم مقارنة بمصر الفرعونية التي ظلت تتعامل بفهلوة واضحة حتى في المواقف الإنسانية. فما ظل يواجهه السودانيون من سوء معاملة رغم ظروف الحرب كشف عن الوجه القبيح لمصر الرسمية. ولكن كان بالمقابل الدور السعودي حاضراً بقوة من خلال جهودها الإنسانية والعون الذي ظلت تقدمه للسودان بلا منّ ولا أذى، وكثير جداً من العطاء الذي لا تخطئه عين.

المملكة، باحتضانها لمنبر جدة، والذي يعد اختراقاً مهماً يضاف إلى جهودها المتعاظمة في الوقوف مع السودان في أزمته والرغبة الأكيدة لها في إيجاد حل للصراع في السودان والوصول إلى تسوية سياسية تضع حداً للحرب وتحقق السلام والاستقرار. هذا ما يجعل منبر جدة هو الأكثر أهمية والأكثر قدرة على تحقيق تطلعات الشعب السوداني في بناء مشروع وطني متفق عليه. المبادرة السعودية الأمريكية هي الأكثر حياداً والأكثر قدرة على خلق تصورات للحل السياسي في السودان. أما مصر ومنابرها ومؤتمراتها فلا تعدو كونها إضافة لسلسلة المؤامرات التاريخية التي كانت ولا زالت وستظل تحيكها ضد السودان وشعبه. فمصر غير مؤتمنة على السودان لأن كل مبادراتها تقوم في الأساس على الاستغلال البشع لمقدرات البلاد.

Share This Article