المبعوث الأمريكي: نشعر بالقلق إزاء الانتهاكات الأخيرة ونتجه نحو تنظيم زيارة إلى بورتسودان

9 Min Read

أعرب توم بيرييلو، المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، عن شعوره بالانزعاج الشديد حيال التقارير التي تتحدث عن تصفيات لعدد من الشباب في منطقة الخرطوم بحري، عقب سيطرة الجيش على العديد من المناطق هناك. وأكد أن محادثات جنيف قد شكلت اختراقًا في إمكانية إجراء مفاوضات مستمرة، مشددًا على ضرورة وجود صيغة مفتوحة ملائمة للمساعدات الإنسانية والمفاوضات.

وفي منتصف أغسطس الماضي، قاطع ممثلو الجيش السوداني مفاوضات جنيف التي دعت إليها الولايات المتحدة، حيث أعربوا عن اعتراضهم على مشاركة الإمارات في الجولة، وأكدوا عدم الحاجة لافتتاح منبر جديد في ظل عدم التزام الدعم السريع بتنفيذ اتفاق جدة. وقد ركزت المشاورات في جنيف، التي شاركت فيها أطراف دولية وإقليمية، على ضمان امتثال الأطراف لالتزامات جدة وتنفيذها، واحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المساعدات، وإسكات البنادق.

وأكد أن “الجميع يشعر بالقلق حيال التقارير التي تحدثت عن انتهاكات جسيمة في منطقة الحلفايا بحري”، مشيرًا إلى وجود محاولات للنظر فيما جرى من فظائع.

ولفت إلى أن ما حدث يعد خرقًا للقوانين الدولية، واعتبره تكتيكات واضحة للمجموعات الإسلامية في المنطقة بشكل عام، معربًا عن قلقه في حال تأكد تأثير هذه الجماعات.

وأضاف: “نتمنى من قيادة الجيش التأكد من أن هذه التكتيكات لا تستخدم أو لا تكون مرتبطة بمجموعاتها، وسنواصل متابعة الحقائق للتعامل بناءً عليها”.

وقد أشارت تقارير إلى أن كتائب من الإسلاميين المستنفرين مع الجيش قامت بتصفية عشرات الشباب في ضاحية الحلفايا بدعوى التعاون مع الدعم السريع. لكن الجيش نفى رسميًا ارتكاب عناصره أي عمليات اغتيال بحق المتطوعين الشباب، متهمًا قوى سياسية موالية للدعم السريع بترويج حملة مضادة ضد الجيش واتهامه بالانتهاكات.

وأوضح بيرييلو أنه خلال محادثات جنيف حصل على تعهد من قائد الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي”، حول كيفية التعامل مع المدنيين. وأضاف: “هدفنا ليس أن يكون التغيير السلوكي على ورق بل في الواقع وبآلية تمنحنا القدرة على التنفيذ”. وشدد على ضرورة محاسبة الذين يرتكبون هذه الفظائع.

وأكد بيرييلو استمرار التواصل بين الأطراف التي شاركت في اجتماعات جنيف، بما في ذلك وفد الدعم السريع، للحصول على تحديثات حول تحركات الغذاء والدواء وأماكن توقفها، ومواصلة العمل على هذه القضايا بشكل أسبوعي لتوفير مساعدات طارئة أكبر لجميع سكان السودان.

كما أعرب بيرييلو عن قلق الولايات المتحدة إزاء المشاكل أو الكوارث التي تواجه المدنيين في السودان، مشددًا على أن “حجم الألم والخوف الذي يعاني منه السودانيون غير مقبول بأي معيار دولي”.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد فرضت بعض الحظر على الجهات والأفراد لتصعيب العملية عليهم، وتواصل توسيع الحظر على تلك الشركات والأفراد للضغط على مرتكبي الفظائع.

ونفى المبعوث أن تكون التحركات الأميركية الأخيرة لوقف الحرب في السودان مرتبطة بالانتخابات في الولايات المتحدة، مؤكدًا أنها بدأت منذ بداية الحرب، مع محاولة الدخول في مفاوضات مع الجيش السوداني، والتقدم نحو إيقاف الحرب. وأضاف: “الإحساس بالاستعجال لحل أزمة السودان ليس مرتبطًا بالانتخابات بل بإيقاف الحرب”.

وأضاف: “بدأنا في أغسطس وهناك ضغوط لأن القوات المسلحة كانت رافضة للتفاوض، وقمنا بتصميم عملية للتقدم حتى في حال لم يكن الطرفان موجودين للتفاوض مباشرة”.

وأشار المبعوث إلى تقدم في دخول المساعدات عبر منفذ أدري وطريق بورتسودان وصولًا إلى سنار، “مما يناقض القول بعدم وجود وسائل ضغط على الطرفين”.

وقال: “منذ بداية المفاوضات في جنيف بمشاركة الشركاء، توصلنا مع الجيش إلى زيادة الوصول للمساعدات الإنسانية، ونحاول حل المشاكل البيروقراطية بالتعاون مع مفوضية الشؤون الإنسانية. ومع ذلك، هناك مشاكل تؤخر وصول الغذاء بسبب الطرفين المتحاربين”.

وأبدى أسفه لإصرار الطرفين على استمرار الحرب ورفض الجيش للدخول في المفاوضات، قائلًا: “للأسف، كل المحاولات الداخلية والخارجية لوقف إطلاق النار لم تنجح، ويبدو أن الطرفين يرغبان في الاستمرار في القتال”.

وأكد أن الولايات المتحدة جاهزة لدعم أي جهود لوقف الحرب وإعادة السودان إلى حكومة مدنية انتقالية، مبديا تقديره لدور الاتحاد الأفريقي وجهوده لوقف الحرب.

كما رحب المبعوث الأميركي بوجود ثلاثة مسارات لدخول الإغاثة إلى البلاد، لكنه أشار إلى أن الكمية والوصول لا تكفي لتلبية احتياجات المجموعات المحتاجة. ولفت إلى “وجود اتفاقيات مع الدعم السريع والقوات المسلحة لكنهما فشلا في الالتزام بالقوانين، خاصة فيما يتعلق بسرعة الإيصال في ظل أزمة المجاعة والكوليرا”.

وأضاف أن هناك محاولات جديدة لتوصيل المساعدات عبر الإسقاط الجوي، لكن ذلك مرتبط بالحصول على إذن للبدء، “وهي قرارات من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع التي تمنع إيصال الغذاء للمواطنين”.

وأكد الضغط على الطرفين للموافقة على مقترح لوقف إطلاق النار في محور إيصال المساعدات عبر منفذ سنار أو الإيقاف المؤقت لإدخال المساعدات أو وقف الاشتباكات لمدة يومين في الأسبوع لتوصيلها.

وأشار إلى ضرورة توضيح واستيعاب الطرفين لوقف الاشتباكات لفترات لإدخال المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن الحرب توزعت في الخرطوم وسنار وشمال دارفور، ومن المهم جدًا وجود طرق لدخول المساعدات.

وأفاد بأن الاشتباكات أدت إلى زيادة كبيرة في عدد النازحين في المعسكرات، وأن حجم المساعدات التي دخلت بعد اتفاقيات جنيف بلغ نحو 20 مليون رطل من الغذاء، بالإضافة إلى أطنان من أملاح التروية والأدوية، بواسطة أكثر من 200 شاحنة.

كما أكد المبعوث أن “الكميات أكبر بكثير مما كانت تدخل قبل أغسطس لكنها لا تزال أقل من الحوجة”.

وثمن توم بيرييلو الدور الذي يقوم به السودانيون في توصيل المساعدات في ظروف خطرة، مشيرًا إلى أن العديد من السودانيين الذين يساعدون في توصيل الدواء والغذاء قد فقدوا حياتهم، وأشار إلى إدخال غرفة الطوارئ إلى “قائمة جائزة نوبل للسلام”.

وأعرب المبعوث الأميركي عن قلقه من استمرار تواصل روسيا وإيران وآخرين من أطراف الحرب، مشددًا على أنهم لا يسعون لتحقيق مكاسب للسودانيين. وأكد على ضرورة توصيل الدول الأخرى للدواء والغذاء للسودان، وألا تضيف الأسلحة لإشعال الحرب.

حماية المدنيين

وأوضح المبعوث الأميركي أن أحد أهم ما جاء في قانون حماية المدنيين الذي أعده مجلس الشيوخ هو الدعم الكبير من الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) للسودان، وتأكيد أهمية وضع السودانيين وحالهم بغض النظر عن نتائج الانتخابات.

وأشار إلى أن القانون تمت كتابته من قبل الطرفين وهو قوي جدًا، ومن أهم أجزائه توثيق القضايا والمحاسبة، وهناك محاور قوية للتوصل إلى سلام للشعب السوداني.

الإسلاميون

حول خيارات التعامل مع الإسلاميين في السودان، قال بيرييلو إن السودانيين يظهرون عدم رغبتهم في العودة لنظام المؤتمر الوطني، مشددًا على أن “الطريق للأمام يجب أن يكون نحو السلام وسلطة مدنية، وسنواصل العمل مع المجموعات المدنية”.

وأكد أنه في أقرب وقت، ستقوم الولايات المتحدة بالتركيز على صوت السودانيين وإسكات أصوات المتزمتين من الطرفين.

زيارة بورتسودان

وبخصوص موعد زيارته المحتملة إلى بورتسودان، قال المبعوث الأميركي إنه لا يوجد موعد محدد للزيارة، لكنه أكد أن هناك اتصالات جارية، متوقعًا أن تتم الزيارة خلال أسابيع، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تركز على وقف الحرب والتحول الديمقراطي وإيصال المساعدات إلى الولايات السودانية الثماني عشرة.

وأضاف: “التركيز الآن تحول من الحرب واللقاءات، وأصبح على اللقاءات أو المفاوضات مع الجيش وقوات الدعم السريع للتركيز على المساعدات الإنسانية ومكافحة الكوليرا”.

الاتحاد الأفريقي

أشار المبعوث إلى أن الاتحاد الأفريقي له دور أساسي في السودان، بما في ذلك كونه “أفضل آلية لإنشاء نوع من جهود المراقبة للاتفاقيات القائمة، مثل إعلان جدة، وأنه سيكون في وضع جيد للمساعدة في فرض وقف إطلاق النار إذا تم التوصل إليه”.

وتحدث عن مناقشات جرت مع الاتحاد الأفريقي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مؤخرًا، وأماكن أخرى، حول كيفية الاستعداد لجميع السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تتطور في السودان.

وأبدى بيرييلو اهتمامه بمبادرات الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك مبادرة مجموعة الخمس التي أطلقها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، والتي قال إنها تشمل اجتماعات مخططة.

ونبه إلى وجود خلط في حديثه حول وجود اتصالات مع الاتحاد الأفريقي بشأن تشكيل قوة لحماية المدنيين، مؤكدًا أن “تم تصحيح ذلك”، وأن هناك اتصالات مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لوقف الحرب ودعم جهود وقف إطلاق النار.

Share This Article