الدعم السريع مشروع الهوية والمواطنة

3 Min Read

نجم الدين دريسة

لماذا لا نفكر ألف مرة في إعادة تأسيس عقد اجتماعي جديد، أو فلنقل بناء الدولة السودانية على أسس تحقق تطلعات وأشواق كل القوميات السودانية، وهزيمة الدولة المركزية التي ظلت تنتج الفشل، والذي قاد إلى حروب طويلة والعجز التام عن إدارة التنوع والاختلاف والاستفادة من المقدرات والثروات والموارد وتوظيفها لرفاه الإنسان السوداني.

ينبغي محاربة الذهنية المتوقفة في أقبية الماضي، وهي بالطبع عقلية تفرخ الأزمات الواحدة تلو الأخرى بسبب ضيق الأفق وسطحية التفكير. الحرب السائدة والتي فرضتها جماعة الهوس الديني والمتحالفون معها من قوى الردة وأصحاب الحظوة القابضين بقوة على الدولة النخبوية تهدف إلى طمس الهوية السودانية ورفض أي محاولات جادة لتأسيس المشروع الوطني القومي الذي ينبغي أن يقوم على المواطنة كأساس للحقوق والواجبات الدستورية.

المؤسف جدًا أن كل محاولات التحرر الوطني للتخلص من الدولة النخبوية التي خلفها الاستعمار ظلت تصطدم باحتكار عنف الدولة والظلم الممنهج. رغم نضال الجنوبيين لنصف قرن من الزمان، انتهى الأمر إلى فصل الجنوب بطريقة دراماتيكية بسبب المركزية القابضة. وعلى ذات النهج، تمضي الدولة الاستعمارية في تسويق خطاب يعمل على تبخيس النضالات السياسية والتقليل من شأنها ونشر خطاب الكراهية. بنفس طرق التفكير المتوارثة في هذه الدولة العميقة، ظلت تعمل على تشويه صورة قوات التحرر الوطني، قوات الدعم السريع.

لكن الحقائق على الأرض ومواقف وأهداف الدعم السريع واضحة كالشمس في رابعة النهار. خطابها السياسي والإعلامي ظل يؤكد دائمًا على وحدة السودان أرضًا وشعبًا، والعمل على تحقيق نظام فيدرالي وإرساء دعائم الحكم المدني القائم على التداول السلمي للسلطة، وإعادة بناء جيش قومي على أسس متفق ومتراضٍ عليها، وخروجه تمامًا عن ممارسة أي أدوار سياسية مباشرة، والعمل على معالجة كل الاختلالات التي صاحبت بناء الدولة عبر صناعة دستور يعبر عن كل التنوع الثقافي.

هذه الرؤى والأفكار والأطروحات مبذولة تمامًا في مبادئ الدعم السريع للحل السياسي الشامل، وتمثل خطوة متقدمة جدًا في اتجاه تأسيس وبناء الدولة السودانية لكل الذين ظلوا يصدعون رؤوسنا بالحديث عن مشروع الدعم السريع. السؤال المنطقي والموضوعي الذي يطرح: هل هناك أصلاً مشروع قومي مجمع عليه ومتفق عليه من كل القوميات السودانية؟ بما في ذلك مشروع الاستقلال أو الاستهبال الذي قامت عليه ما يعرف بالدولة السودانية؟

وهنا يبرز سؤال آخر: لماذا شهدت الدولة السودانية حركات احتجاج راديكالية في كل هوامش السودان ضد الدولة المركزية على مدى سبعة عقود من الزمان؟ لا يوجد إلا تفسير واحد: أن هذه الدولة ليست وطنية ولا قومية، بل هي صنيعة استعمارية. وبالتالي، قوات الدعم السريع الآن تخوض حرب التحرير من أجل استعادة الدولة المختطفة وبناء مشروع وطني عريض. وهذا ما يفسر انحياز معظم القوميات التي ظلت واقفة على الرصيف إلى مسيرة التحرير، وهي ماضية نحو تحقيق أهدافها وغاياتها رغم التحديات.

المصدر: بلو نيوز الإخبارية

Share This Article