ذكرت مصادر سياسية سودانية مطلعة أن الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، بدأ بالاعتماد بشكل مباشر على “تجارة المساعدات الإنسانية” كوسيلة لتمويل عملياته العسكرية ضد قوات الدعم السريع.
يأتي هذا في وقت أعلن فيه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن فتح تحقيق مع اثنين من كبار مسؤوليه بشأن اتهامات تتعلق بإخفاء تورط الجيش في تعطيل وصول المساعدات وإخفاء معلومات عن المانحين بخصوص الوضع في السودان.
وأوضحت المصادر أن بعض “الجنرالات” في الجيش السوداني وقادة جماعات مسلحة متحالفة معه في الصراع الدائر حققوا أرباحًا تجاوزت 70 مليون دولار خلال شهرين فقط، من خلال بيع المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القوات المسلحة من المنظمات الأممية والدول المانحة، مما يكشف السبب الحقيقي لتعطيل الجيش لأي محاولات لتوصيل المساعدات لمستحقيها.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن الجيش السوداني استخدم أساليب الابتزاز في المفاوضات المرتبطة بوقف الحرب في البلاد، بما في ذلك التحكم في توزيع المساعدات وفتح الممرات الآمنة لها. بينما التزمت قوات الدعم السريع بتلك التفاهمات، لم تصل المساعدات إلى اللاجئين، وتم بيعها تحت إشراف قادة في الجيش التابعين للبرهان.
أن أكبر كمية من المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى حكومة “بورتسودان” كانت في شهري مارس وأبريل الماضيين لتلبية احتياجات السودانيين بالتزامن مع شهر رمضان، وكان من المفترض توزيعها على المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش ومراكز الإيواء، إلا أنها تعرضت للاتجار بطرق مختلفة.
وهذه المساعدات تم بيعها في أسواق المدن التي تقع تحت سيطرة “القوات المسلحة” والجماعات الإسلامية، من خلال شركات تجارية تابعة لرجال أعمال “كيزان”، حيث تُباع تلك المواد ويتم تحقيق أرباح منها، وتذهب الحصة الأكبر من الأرباح لقيادات الجيش.
وأضافت المصادر أن هذه الأرباح تم توثيقها من خلال وثائق رسمية، حيث تمت مواجهة مسؤولين في الجيش بهذه الوثائق أثناء لقاء مع الوسيط الأمريكي في “زيوريخ”، وذلك ضمن التنسيق لمفاوضات “جنيف” التي انسحب منها الجيش.
وأشارت إلى أن عمليات بيع المساعدات الإنسانية القادمة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول المانحة، بما في ذلك المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، تتم عبر شركات لها مكاتب خارج السودان في أوغندا وتشاد.
وأوضحت المصادر أن أرباح تلك الصفقات الخاصة ببيع المساعدات الإنسانية تحول إلى الخارج، وتُودع في بنوك بدول أفريقية وأوروبية في حسابات أقارب وأسر قادة في الجيش، وهناك مطالبات بتجميد هذه الحسابات وإجراء تحقيق دولي في هذا الموضوع.
في وقت سابق، كشف رئيس هيئة الإسناد المدني لقوات “الدعم السريع” السودانية في أوغندا، الشرتاي سمير إسماعيل محمد، أن قوات البرهان تستولي على المساعدات الإغاثية الموجهة للسودانيين لبيعها واستخدام عائداتها لشراء الأسلحة.
وأكد المسؤول أن قوات الدعم السريع تعمل على تسهيل إيصال المساعدات الإغاثية للشعب السوداني، وتقديم الحماية للقوافل وتأمين الطرق لعبورها، بينما يقوم الجيش بانتهاكات من خلال استيلائه على المساعدات لاستخدامها في تسليح قواته.