في تصريح اعتبره مراقبون الأكثر وضوحاً منذ بداية الحرب، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، من مطار الخرطوم يوم الثلاثاء، ترحيبه بمبادرات وقف القتال، لكنه وضع شرطاً حاسماً لأي تسوية سياسية مستقبلية، تمثل في استبعاد قوات الدعم السريع من أي دور سياسي أو إداري في مستقبل السودان.
أكد البرهان في كلمة مسجلة أن الشعب السوداني “يتطلع إلى سلام حقيقي يستند إلى أسس وطنية راسخة”، مشدداً على أن أي مبادرة لحل النزاع يجب أن تنطلق من هذا المبدأ.
وأضاف أن السودان لا يمكن أن يقبل بوجود قوات أو جماعات مسلحة، معتبراً أن موقفه “نتاج طبيعي لما تكبده السودان من معاناة خلال الأشهر الماضية”.
كما شدد على أن الجيش لن يتراجع عن هدفه المعلن في القضاء الكامل، ولن يسمح بعودة “أي تشكيلات خارجة عن القانون إلى المشهد الوطني”، مؤكداً في الوقت ذاته استعداد القوات المسلحة للتعامل بإيجابية مع كل المبادرات المخلصة التي تسعى لإعادة السلام والاستقرار إلى البلاد، شرط أن تحترم هذا الخط الأحمر.
يأتي هذا التصريح في ظل تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية لإيجاد مخرج سياسي للأزمة السودانية. وكانت الآلية الرباعية — التي تضم الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، ومصر — قد طرحت في سبتمبر الماضي خارطة طريق جديدة تهدف إلى وقف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.
وشددت الرباعية في بيانها على أن الحل العسكري للنزاع غير ممكن، وأن استمرار القتال يفاقم المعاناة الإنسانية ويهدد الاستقرار الإقليمي، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.
تتضمن خارطة الطريق الرباعية مقترحًا لبدء هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تتيح وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة وتهيئ لوقف دائم لإطلاق النار.
كما تنص على إطلاق عملية انتقالية شاملة خلال تسعة أشهر، تُفضي إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة تخضع للمساءلة وتتمتع بشرعية وطنية واسعة.
وتدعو الخطة جميع الأطراف إلى تسهيل مرور المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، والالتزام بما ورد في إعلان جدة، خاصة ما يتعلق بوقف الهجمات الجوية والبرية على البنية التحتية المدنية.
تصريحات البرهان تعكس تمسك الجيش بموقفه الصارم تجاه قوات الدعم السريع، رغم الجهود المكثفة التي تبذلها الأطراف الإقليمية والدولية لتقريب وجهات النظر.
ويرى مراقبون أن هذا الشرط قد يعقّد فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة في المدى القريب، لكنه في الوقت نفسه يحدد بدقة موقف القيادة العسكرية من أي ترتيبات مستقبلية تخص الحكم في السودان، في ظل حرب مستمرة تقترب من عامها الثالث دون بوادر حل نهائي في الأفق.