أثار محمد حسن التعايشي، رئيس وزراء حكومة السلام والوحدة، جدلاً واسعًا بعد اتهامه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأنه أصبح “الأداة التنفيذية للمشروع الإسلامي” في السودان، مشيرًا إلى أنه خدم مصالح الإسلاميين أكثر من الرئيس المخلوع عمر البشير.
وصف التعايشي البرهان بأنه شخصية “مرتبكة وفاقدة للهوية”، لكنه “الأكثر ملاءمة لتنفيذ أجندة الإسلاميين في لحظة سياسية حاسمة”، موضحًا أن الإسلاميين استغلوا اختراقهم العميق للمؤسسة العسكرية، وجعلوا من البرهان الضامن لاستمرار نفوذهم بعد الثورة.
حمّل التعايشي الشبكات الإسلامية مسؤولية إشعال الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023، معتبرًا أنها “محاولة لإجهاض الاتفاق الإطاري الذي كان سيحد من نفوذهم داخل الجيش والخدمة المدنية”. وأضاف أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 لم يكن سوى “انتقام من الثورة ومن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)”، ووصفه بأنه “حكم بالإعدام على المشروع الديمقراطي”.
وأكد أن الصراع الدائر في السودان يتجاوز البعد العسكري إلى صراع أيديولوجي بين قوى التغيير والقوى الإسلامية المتجذرة في مؤسسات الدولة، وهو ما يفسر – بحسب قوله – طول أمد الحرب وتعقيد مسارات الحل السياسي.
تطرق التعايشي إلى اللواء ياسر العطا، واصفًا إياه بأنه “الشخصية الأكثر تأثيرًا في التحالف الاجتماعي داخل الجيش”، مشيرًا إلى أنه يدرك تمامًا الدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في الحفاظ على بنية الدولة القديمة التي سبقت استقلال السودان عام 1956.
وقال التعايشي إن العطا يرى الصراع الحالي “معركة وجودية” تهدف إلى الدفاع عن تلك المنظومة بأي وسيلة، “حتى لو تطلب الأمر استخدام أسلحة محظورة دوليًا أو التحالف مع جهات غير مرغوبة دوليًا”.
حذّر التعايشي من أن الإسلاميين يستعدون لمواجهة مباشرة مع القوى الدولية، مؤكدًا أن البرهان “يُجرّ نحو هذا الصدام”، وأن هذه الخطوات تهدف إلى إطالة أمد اقتصاد الحرب، واستمرار تهريب الذهب والموارد عبر قنوات غير شرعية. واعتبر أن الإسلاميين يسعون إلى “تدمير مسارات السلام” التي أطلقت من جدة والمنامة، لأنها تهدد شبكات مصالحهم داخل مؤسسات الدولة.
وفي تقييمه للكتلة الديمقراطية، انتقد التعايشي ما وصفه بـ“إهدار فرصة التحالف مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو”، مشيرًا إلى أن هذا التحالف كان من شأنه أن “يغيّر موازين القوى لصالح المشروع المدني”. وأضاف أن حميدتي أدرك لاحقًا “الفخ السياسي” الذي نُصب له، فاتجه نحو دعم الاتفاق الإطاري ومحاولة إعادة عبد الله حمدوك إلى المشهد السياسي.
اختتم التعايشي حديثه بالتأكيد على أن القوات المسلحة السودانية في شكلها الحالي تمثل امتدادًا للمشروع الإسلامي الذي ترسخ لعقود، معتبرًا أن تشوهات بنيتها هي نتيجة فشل الدولة في بناء مؤسسات حديثة منذ الاستقلال.
وأشار إلى أن إصلاح المؤسسة العسكرية يتطلب ثورة فكرية وهيكلية، تقوم على فصل الدين عن السياسة، وضمان خضوع الجيش الكامل للسلطة المدنية المنتخبة.