الجيش يفتح قنوات حوار جديدة مع تحالفي “صمود” و”تأسيس” تمهيدًا لمرحلة سياسية انتقالية

3 Min Read

في تطور سياسي بارز يعكس تحوّلًا في مقاربة المؤسسة العسكرية للأزمة السودانية، بدأ الجيش السوداني خطوات عملية لإطلاق عملية سياسية جديدة تهدف إلى إنهاء النزاع وإعادة ترتيب المشهد الوطني. وكشفت مصادر مطلعة، أن لجنة سياسية تابعة للجيش، شكّلها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بدأت بالفعل لقاءات تمهيدية مع قوى سياسية متحالفة مع المؤسسة العسكرية، في إطار مساعي لتأسيس مرحلة انتقالية تستند إلى توافق واسع بين الأطراف الوطنية.

ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن التحرك الجديد يعتمد مقاربة تدريجية في الانفتاح على القوى السياسية، تبدأ بالتواصل مع المكونات المقرّبة من الجيش، على أن تمتد لاحقًا إلى تحالف “صمود” الذي يُنظر إليه كتيار مدني وسطي، ثم إلى تحالف “تأسيس” المرتبط سياسياً بقوات الدعم السريع. هذا التدرج، بحسب مراقبين، يهدف إلى بناء الثقة وتجنب أي صدام مباشر، مع خلق مسار واقعي للحوار يشمل مختلف أطراف النزاع بصورة تدريجية ومنضبطة.

تشير المعلومات إلى أن اللجنة السياسية تبحث حزمة من الإجراءات التمهيدية لتوفير مناخ أكثر مرونة للحوار، من بينها شطب البلاغات المفتوحة ضد عدد من القيادات السياسية، ورفع القيود الإدارية المفروضة على استخراج الأوراق الثبوتية لبعض المعارضين. وتُعد هذه الخطوات مؤشرات مبدئية على استعداد المؤسسة العسكرية لتقديم تنازلات تهدف إلى تخفيف التوترات، وتجاوز الأوضاع القانونية التي أعاقت مشاركة قوى مدنية في المفاوضات السابقة.

من المتوقع أن تجري العملية السياسية الجديدة برعاية الآلية الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، مصر، ودولة الإمارات. وتعمل هذه الدول على دعم خطة سياسية متدرجة تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار، يليها حوار وطني حول الدستور وشكل الدولة، وصولًا إلى وضع ترتيبات انتقالية جديدة. وتُعد هذه المقاربة محاولة لإيجاد غطاء دولي موثوق يمنح العملية السياسية زخمًا وشرعية، ويُسهِم في تخفيف الضغوط الداخلية على الأطراف السودانية.

ورغم الزخم الذي ترافق مع هذه التحركات، عبّر محللون سياسيون عن مخاوف من فشل المسار الجديد إذا أعيد تدوير نفس القوى والآليات القديمة التي لم تنجح في تحقيق استقرار سياسي في المراحل السابقة. ويرى مراقبون أن نجاح هذه المبادرة يتوقف على قدرتها في استيعاب قوى جديدة تمثل الشارع والمجتمع المدني، وتجاوز منهج المحاصصات الذي أضعف التجارب الانتقالية الماضية.

ومع استمرار الحرب في عدد من مناطق البلاد، تمثل هذه الخطوة اختبارًا حقيقيًا لجدية الجيش وبقية الأطراف في السعي نحو تسوية شاملة تُعيد البلاد إلى مسار سياسي مستقر. وبينما تُكثّف القوى الإقليمية والدولية جهودها لدعم الحوار، تبدو الأنظار متجهة إلى ما إذا كانت هذه المبادرة ستنجح في فتح صفحة جديدة من التفاهم الوطني، أم ستظل مجرد محاولة جديدة ضمن سلسلة مبادرات لم تكتمل.

Share This Article