السودان أمام انهيار نقدي شامل

3 Min Read

يواصل الجنيه السوداني انهياره أمام العملات الأجنبية لليوم الثالث على التوالي، في مشهد يعكس غياب أي سلطة نقدية قادرة على ضبط السوق، وتحوّل الاقتصاد الوطني إلى منظومة موازية تُدار خارج مؤسسات الدولة وتحت هيمنة شبكات من المضاربين والمجموعات المسلحة.

وفقًا لبيانات ميدانية، تراوح سعر بيع الدولار الأمريكي في السوق الموازي اليوم الخميس 16 أكتوبر 2025 بين 3550 و3700 جنيه سوداني، بفارق يصل إلى 150 جنيهًا بين المدن، أي بنسبة تباين بلغت 4.2% في اليوم ذاته.
هذا التفاوت شمل بقية العملات الأجنبية:

  • الريال السعودي: بين 946 و986 جنيهًا
  • الدرهم الإماراتي: بين 967 و1008 جنيهًا
  • اليورو: بين 4127 و4302 جنيهًا
  • الجنيه الإسترليني: بين 4733 و4933 جنيهًا

النتيجة: كل مدينة أصبحت سوقًا نقديًا مستقلاً بأسعارها الخاصة، دون مرجعية وطنية تحدد السعر أو تنظم حركة الصرف.

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تدهور سعر الجنيه من 560 جنيهًا للدولار إلى حدود 3700 جنيه اليوم — أي فقدان أكثر من خمسة أضعاف قيمته.
لم يعد الجنيه يُستخدم في المعاملات الكبرى، واستُبدل بالدولار أو الريال السعودي في التجارة، ما يعكس انهيار الثقة بالعملة الوطنية وتحولها إلى وسيط فاقد للقيمة الاقتصادية.

تقرير صندوق النقد الدولي (أكتوبر 2025) صنّف السودان ضمن الدول ذات المخاطر القصوى في استدامة الدين العام، إذ تجاوز الدين الخارجي 60 مليار دولار، أغلبه في حالة تعثّر.
كما أشار التقرير إلى تقلّص الاحتياطات الأجنبية بنسبة 85% منذ بداية الحرب، ما أفقد الدولة أدواتها في التدخل النقدي.
في المقابل، أكد البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 42% خلال ثلاث سنوات، مع توقف أكثر من 60% من المصانع وارتفاع معدلات البطالة لمستويات غير مسبوقة.

بلغ معدل التضخم في السودان 118% خلال عام 2025، وفق تقديرات البنك الدولي.
هذا التضخم المفرط جعل الأسعار تنفصل عن الواقع المحلي:

  • سعر كيلو اللحم: تجاوز 26,000 جنيه
  • لتر الوقود: بلغ 9,000 جنيه

الوضع يعكس فقدان الدولة السيطرة الكاملة على أدواتها المالية، وتحول السوق إلى بيئة مضطربة تحكمها المضاربة والعرض المحدود.

تتوقع مؤسسات بحثية دولية أن يتجاوز سعر الدولار 5000 جنيه بحلول منتصف 2026، مع استمرار الحرب وتوسع الاقتصاد الموازي.
هذه التقديرات تؤكد أن السودان يواجه تحولًا بنيويًا في نظامه المالي، حيث لم يعد البنك المركزي لاعبًا رئيسيًا، بل مراقبًا عاجزًا أمام اقتصاد موازي يقوده تجار العملة والمجموعات المسلحة.

Share This Article