من نيالا إلى الخرطوم… حميدتي يكشف أسباب إشعال الحرب في السودان وملامح “السودان الجديد”

3 Min Read

في تصريحات وجّه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) اتهامات مباشرة إلى الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، متهمًا إياه بـ الانحياز إلى تيارات الإسلام السياسي وإعادة إنتاج منظومة النفوذ القديمة داخل المؤسسة العسكرية.

قال حميدتي إن المؤسسة العسكرية تعاني من انقسامات داخلية وتهميش ممنهج، وإن نحو 90% من الجيش بات مرتبطًا بما وصفه بـ“القوات الإسلامية”، لكنه أشار إلى أن هذا النفوذ بدأ يتراجع تدريجيًا مع تغيرات ميدانية وسياسية متسارعة. وأضاف أن السودان يعيش مرحلة تأسيس جديدة يجب أن تُبنى على العدالة والمساواة، لا على إرث المحسوبية أو الهيمنة القبلية.

وجّه حميدتي انتقادات حادة لآليات القبول في الكلية الحربية، معتبرًا أنها تفتقر إلى الشفافية وتمنح الأفضلية لمجموعات اجتماعية محددة، على حساب أبناء الأقاليم الأخرى. وأوضح أن محاولات شقيقه عبد الرحيم دقلو للتواصل مع البرهان لمعالجة هذه الاختلالات قوبلت بالتجاهل، مؤكدًا أن القبائل القادمة من غرب السودان تتعرض لتهميش مستمر في مؤسسات الدولة، رغم مشاركتها الواسعة في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

في خطوة لافتة، أعلن حميدتي تعليق صادرات المحاصيل والثروة الحيوانية مؤقتًا إلى الخارج، متعهدًا بإطلاق خطة اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية. وأوضح أن هذه الإجراءات تأتي ضمن رؤية اقتصادية وطنية جديدة تسعى إلى حماية المزارعين والرعاة، وتحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والاستهلاك الداخلي، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السودان.

سلّط حميدتي الضوء على مدينة نيالا في دارفور، واصفًا إياها بأنها العاصمة المستقبلية لـ“سودان جديد” يقوم على العدالة والتنمية المتوازنة. وأكد أن المدينة ستشهد إنشاء مدارس ومستشفيات وأسواق حديثة، ودعا إلى تشكيل حكومات محلية ومجالس خدمية تعزز التعايش بين مكونات دارفور وتعمل على تحسين الخدمات الأساسية.

وقال إن “الاستقرار يبدأ من القاعدة”، مشيرًا إلى أن بناء دولة عادلة لا يمكن أن يتحقق إلا بإصلاح مؤسسات الحكم المحلية وتوسيع المشاركة الشعبية بعيدًا عن المركزية القديمة.

وشدد حميدتي على ضرورة أن تبقى الأسلحة تحت سيطرة الدولة، محذرًا من انتشار المركبات القتالية غير المرخصة في مختلف أنحاء البلاد. واعتبر أن ضبط السلاح يمثل أولوية وطنية لضمان الأمن والاستقرار، داعيًا الإدارات المدنية إلى التركيز على معالجة قضايا المواطنين بعيدًا عن الصراعات السياسية والمنافسة على النفوذ.

تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه السودان تصاعدًا في الخطاب السياسي حول إعادة هيكلة الدولة، وسط انقسام حاد بين المكونات العسكرية والمدنية. ويرى مراقبون أن حديث حميدتي يعكس محاولة لتقديم قوات الدعم السريع كقوة إصلاحية وسياسية، في مقابل اتهام الجيش بالارتباط بالإسلاميين وإعاقة بناء دولة مدنية حديثة.

كما تشير تصريحاته إلى تحول في الخطاب السياسي لقائد الدعم السريع من المواجهة العسكرية المباشرة إلى طرح مشروع بديل لإعادة بناء الدولة السودانية، في وقت يواصل فيه النزاع المسلح إحداث دمار واسع في الاقتصاد والبنية التحتية، ويزيد من معاناة المدنيين في مختلف أنحاء البلاد.

Share This Article