شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور تصعيدًا عسكريًا جديدًا نجم عنه نزوح أعدادٍ كبيرة من المدنيين وتجدد إدانة المجتمع الدولي للقصف الذي استهدف مسجدًا، وسط تقارير عن نقص حاد في الخدمات الطبية ومياه الشرب وتدهور الوضع الإنساني.
أفادت مصادر ميدانية بأن قصفًا طال حيّ الدرجة الأولى شمال الفاشر، وأسفر عن مقتل أمين عام حكومة شمال دارفور وزوجته وعدد من المدنيين، فيما استمر توغل وحدات مسلحة إلى محيط قشلاق الجيش بالمدينة مع تواصل المعارك وعمليات القصف، حسب ما ذكرته مصادر عسكرية محلية. وأعلنت منظمة الهجرة الدولية نزوح 7,500 شخص من معسكر أبو شوك ومن مناطق بالفاشر خلال الفترة من 17 إلى 19 سبتمبر بسبب انعدام الأمن.
وكشفت مصادر طبية في الفاشر عن ارتفاع حالات الكوليرا ووجود نقص حاد في المحاليل الوريدية والأدوية المنقذة للحياة، ما زاد من الضغط على المستشفيات والمرافق الصحية المتعثرة. وشكا سكان محليون من أزمة مياه شرب حادة بعد توقف مصادر المياه في عدة أحياء، بينما تحدثت جهات مجتمع مدني عن عدم ورود قوافل إغاثية كافية وفشل بعض المحاولات في الوصول إلى المناطق المحاصرة.
أعرب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء التدهور السريع في الفاشر، مجددًا مطالبته بوقف فوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين وتسهيل دخول المساعدات، فضلاً عن ضمان ممرات آمنة للراغبين في الخروج طوعًا. كما نددت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بقصف المسجد الذي أودى بحياة عشرات المصلين، واصفةً الحادثة بأنها مأساوية. واعتبر وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر أن الفاشر «على شفا الهاوية» داعيًا لوقف القتال والسماح بدخول المساعدات بصورة عاجلة.
أدانت مفوضية الاتحاد الأفريقي بشدة استهداف المدنيين في الهجوم الذي نُسب إلى وحدات مسلحة، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار والحوار السياسي الشامل كوسيلة لحل الأزمة. كما صدرت إدانات عن عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية من بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي، حيث شددت هذه الجهات على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
أعلن رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي يتولى رئاسة وفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن ملف فك الحصار عن الفاشر سيكون من الأولويات في خطابه، داعيًا المجتمع الدولي والإقليمي إلى تحمل مسؤولياته تجاه المدينة. من جهته، قال وزير المالية د. جبريل إبراهيم إن مرتكبي قصف المسجد سيواجهون العدالة، في حين طالب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بجهود محلية ودولية عاجلة لفك الحصار، متهمًا في بيانات جهات معنية بمنع دخول قوافل إغاثية إلى الفاشر.
أعلنت منظمات حقوقية ومجموعات مدنية محلية عن إطلاق منصات لرصد الجرائم وتوثيق الانتهاكات المرتكبة في الفاشر، وعن نيتها مخاطبة شركاء دوليين وإقليميين لإبراز خطورة الوضع والدفع باتخاذ إجراءات عاجلة لفك الحصار وتأمين وصول المساعدات.